فى العهد القديم يقول داود فى المزمور ( لك يارب الرحمة لأنك تجازى الإنسان كعمله ) ( مز 62: 12 ) ، ويقول سفر الجامعة ( لأن لله يحضر كل عمال إلى الدينونة ، على كل خفى أن كان خيراً أو شراً ) ( جا 12: 14 )
وفى العهد الجديد تأكدت هذه الحقيقة من فم السيد المسيح وأفواه رسله القديسين ، وفى هذا يقول السيد الرب ( فان ابن الانسان سوف يأتى مجد أبيه مع ملائكته وحينئذ يجازى كل واحد حسب عمله ) ( مت 16: 27 )
كما قال أيضاً ( فانه تأتى ساعة فيها يسمع جميع الذين فى القبور صوته فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة ، والذين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة ) ( يو 5: 28 ، 29 )
لاحظوا أنه يتكلم فى هذه الآية عن الأعمال ( الذين فعلوا الصالحات والذين عملوا السيئات ) وليست الدينونة على الأعمال فقط ، بل حتى على الكلام ولذلك بقول
( بكلامك تبرر وبكلامك تدان ) ( متى 12: 36 )
وهذا الأمر واضح فى سفر الرؤيا اذ أن الرب أرسل إلى كل ملاك من ملائكة الكنائس السبع يقول له ( أنا عارف أعمالك ) ( رؤ 1: 2 ، 3 ) ، كما قال الرب صراحة ( وها أنا آتى سريعاً وأجرتى معى ، أجازى كل واحد كما يكون عمله ) ( رؤ 22: 12 )
وقد قيل فى هذا السفر ( طوبى للأموات الذين يموتون فى الرب منذ الآن نعم يقول الروح ! لكى يستريحوا من أتعابهم ، وأعمالهم تبعهم ) ( رؤ 14: 13 ) ، وقيل أيضاً ( ودين الأموات مما هو مكتوب فى الأسفار بحسب أعمالهم ) ( رؤ 20: 12 )
وصورة الدينونة التى شرحها لنا الرب يسوع من حيث كلامه الذى قوله للذين عن اليمين ، وكلامه للذين على اليسار ، هى صورة دينونة حسب الأعمال ، اذا أنه قال للذين عن اليمين ( جعت فاطعمتونى عطشت فسقيتمونى ، كنت غريباً فآويتمونى )
وبناءاً على هذه الأعمال الصالحة قال لهم تعالوا يا مباركى أبى ، رثوا الملك المعد لكم منذ تأسيس العالم ) ( مت 25: 31 – 46 ) وبالمثل فعل مع الأشرار ، دانهم حسب أعمالهم
اذن يكفى أن يقصر الإنسان فى اطعام الجياع أو زيارة المرضى ، واذ يخلو قلبه من هذه الرحمة يفقد الملكوت ، مهما كان له من ايمان ، ومهما كان له من ثقة جوفاء فى داخله لا تغنيه شيئاً !
ما أخطر العبارة التى قالها معلمنا يعقوب الرسول ( ما المنفعة يا أخوتى ان قال أحد أن له إيماناً ولكن ليس له أعمال هل يقدر الإيمان أن يخلصه ؟ ! . ) " يع 2: 14 "
وكون الدينونة حسب الأعمال ، حقيقة تكلم عنها بولس الرسول كثيراً . فقال
لأنه لا بد أننا جميعاً نظهر أمام كرسى المسيح ، لينال كل واحد ما كان بالجسد يحسب ما صنع خيراً كان أم شراً ( 2 كو 5: 10 ) . وقال أيضاً : ( ولكنك من أجل قساوتك وقلبك غير التائب تذخر نفسك غضباً فى يوم الغضب واستعلان دينونة الله العادلة الذى سيجازى كل واحد حسب أعماله ) " رو 2: 5-7 " .
وتلخيصاً للدينونة حسب الأعمال ، قال بولس الرسول كذلك " فإن الذى يزرعه الإنسان ، إياه يحصد أيضاً . لأن من يزرع لجسده ، فمن الجسد يحصد فساداً . ومن يزرع للروح يحصد حياة أبدية " ( غل 6: 7، 8 ) .
كما قال " فعمل كل واحد سيصير ظاهراً ، لأن اليوم سيبيه وستمتحن النار كل واحد ما هو " ( 1 كو 3: 13 ) .
وقال أيضاً " كل واحد سيأخذ أجرته بحسب تعبه " ، ولم يقل " بحسب إيمانه " أو " بحسب النعمة " ..
وعن الدينونة حسب الأعمال قال بطرس الرسول عن الأب " الذى يحكم بغير محاباة حسب عمل كل واحد ، فسيروا زمان غربتكم بخوف " ( 1 بط 1: 17 ) .
فإن كانت الأعمال على هذه الدرجة من الخطورة – خيراً كانت أم شراً – بحيث يدان الإنسان بموجبها ، فهل يجرؤ أحد أن يقلل من قيمة الأعمال وأهميتها ؟ ! .
إن كان الله لا ينسى " كأس الماء البارد " فلا يضيع أجره ، ولا ينسى أبداً تعب المحبة ، " إذن يا أخوتى الأحباء كونوا راسخين غبر متزعزعين ، مكثرين فى عمل الرب كل حين ، عالمين أن تعبكم ليس باطلاً فى الرب " ( 1 كو 15: 58 ) .
إن الأعمال هامة جداً فى طريق خلاصنا ، وهامة فى تحديد مصيرنا الأبدى ، فلنتأمل إذن كم هى لازمة ..