نلاحظ منذ بدء المسيحية أن المعمودية كانت لازمة جداً تتبع الإيمان مباشرة، ولم يستغنى عنها أحد. كانت كذلك فى تعليم الرب، وكانت كذلك فى الممارسة العملية.
فمن جهة تعليم الرب قال لرسله: "تلمذوا جميع الأمم... وعمدوهم" (مت 28: 19) وقال أيضاً: "مَن آمن واعتمد خلص" (مر 16 : 16). ولو كانت المعمودية مجرد علامة، ما أعطاها الرب كل هذه الأهمية...
وفى الممارسة العملية. لما آمن اليهود فى يوم الخمسين، دعاهم القديس بطرس إلى المعمودية مباشرة، فقال لهم: "توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لمغفرة الخطايا" (أع 2: 38) واعتمد فى ذلك اليوم ثلاثة آلاف نفس. ولا شك أنها كانت عملية صعبة ومنهكة وتأخذ وقتاً. ولولا أهميتها ما قام بها الآباء الرسل.
ولو كان الإيمان وحده يخلص، لماذا كانت الحاجة إلى معمودية كل هذه الآلاف؟ ما كان أسهل أن يقول لهم الرسول: "مادمتم قد آمنتم أيها الإخوة. اذهبوا على بركة الله فقد نلتم الخلاص، وهذا يكفى".
ونفس الوضع نجده فى عماد الخصى الحبشى، الذى طلب بنفسه المعمودية بعد إيمانه مباشرة. وعمده فيلبس، فمضى فرحاً (أع 8: 36 ).
وشاول الطرسوسى اعتمد بعد إيمانه ودعوته لكى يغتسل من خطاياه (أع 22: 16)، وسجان فيلبى لما آمن، "اعتمد فى الحال هو والذين له أجمعون" (أع 16: 23) وليديا بائعة الأرجوان لما آمنت اعتمدت هى وأهل بيتها (أع 16: 15) (اقرأ مقالاً آخر عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات).
ولما آمن كرنيليوس، عمده بطرس هو وكل الذين كانوا يسمعون الكلمة "قائلاً أترى يستطيع أحد أن يمنع الماء حتى لا يعتمد هؤلاء الذين قبلوا الروح القدس كما نحن" (أع 10: 44، 47).
فلو كان الخلاص بالإيمان فقط، لماذا اعتمد كل الذين آمنوا؟