بقلم- خالد البرماوي:
كانت مريم تنظر الى ساعتها كل دقيقة، تستعجل بدء العام الجديد، تجلس مريم في الصفوف الأخيرة في قاعة كنيسة القديسين بالاسكندرية أثناء الصلاة، صلوات وأدعية كثيرة كانت تلهج بها ألسنة القساوسة، والجميع من خلفهم يرددون.. مريم كانت تردد معهم، وعقلها يرتب كيف ستحتفل بالعام الجديد، وبمجرد انتهاء الصلاة، وبدء أول دقائق 2011 استعجلت مريم صديقاتها للخروج من الكنيسة بعد أن انتهوا تقريبا من صلاة "رأس السنة".
شيء ما عطل صديقاتها عن اللحاق بها، ربما قدرهم ...وربما قدرها.. ولكن في نهاية الامر خرجت مريم مسرعة قبلهن، وهى تحمل في يدها "كوب" زجاجي قديم، خرجت به لباب الكنيسة، لكى تكسره على السلالم الرخامية عند مدخل الكنيسة، كعادة أهل الاسكندرية مع بداية كل عام، وهى عادة قديمة اخذوها من اليونانين، لتضحية بشيء قديم مع نهاية عام وبداية اخر.
كان التوقيت وقتها تجاوز منتصف الليل بدقائق.. وهى كل ما عاشته مريم من العام الجديد ، وقبل أن تهم بالقاء الكوب الزجاجي، فجاة.. حدث انفجار مدوي، تطايرت الاجساد، وانقلبت السيارات، واندلعت السنة النيران، ووقع من مريم الكوب الزجاجي وانكسر، ولكن ليس بارداتها !!
مريم فكري واحدة من صحايا كنيسة القديسين، قتلت غدراً، وهي الفنانة، المحبة للخير، التي تعمل بمكتبة الإسكندرية، وحسب ما نشرته صفحة "كلنا خالد سعيد"، على موقع "فيس بوك"، كتبت مريم، على صفحتها على "فيس بوك" قبل الحادثة بخمس ساعات.. علي"statues" الخاص بها:" سنة 2010 خلصت خلاص .. أنا قضيت أسعد أيام حياتي في 2010 وبجد استمتعت بالسنة دي".
لم تنسى مريم، (25 عاماً) ان تضع امنياتها للعام الجديد فقالت، على صفحتها علي "فيس بوك"،:" عندي أمنيات كتيرة في 2011 وأتمنى إنها تتحقق". وتتضرع لله قائله:"يا رب خليك جنبي وساعدني لتحقق أمنياتي".
ما ذنبها.. ومن قتلها، والاهم من وراء قتلها، عشرات الاسئلة تنتظر الاجابات.. ومهما كانت الاجابة قوية وبليغة -وإنا كنت اعتقد انها لن تاتي- فستقف عاجزة على ان تعيد لمريم يوم واحد من عمرها الى انتهت صفحاته غدراً، قبل أن تحقق مريم في حلمها.. يبقى لنا ان ندعو الله، أن تكون مريم ورفاقها الذين رحلوا "لملكوت السموات"، عند رب غفور، لديه بالتأكيد قوانين ارحم واعدل من قوانين أهل الارض الجائرة.
التعليقات التي نشرت علي صورتها، في صفحة "كلنا خالد سعيد"، تظهر مدى التأثر الكبير بقصتها، وتوضح أن هناك بصيص من الامل في شباب مصر، في أن بامكانهم ان يعيدوا لمصر، وحدتها وشخصيتها الطيبة، ويخلصوها من التعصب والتطرف، لتعود مصر بلد "المحبة" كما وصفها الانجليل، وبلد السلام والامان كما وصفها القران.
محمد عيسي يقول:" ربنا يرحمها ان شاء الله، ويصبر أهلها، ويصبر كل اخواتنا المسيحيين، والله انا دمي فاير وبيغلي من اللي حصل". ويقول خالد سيد بدوي:" لســـنا مسلمــــين ضــــد مســــيحيين، لكننــــا مســـلمـــين ومســــيحيـــين ضـــد الأرهــــاب".
ووصفها باسم محمد، بشهيدة الغدر، وترى منى حسين ان هذا التصرف ليس من الاسلام، وتقول:" أكيد أصحاب الأنفجار ده هدفهم خراب الدنيا، وده مش تصرف مسلمين ذى ماراح يعتقد الكتيرمن المسيحين". ويقول هشام عبدالله:" بقلوب يعتصرها الالم والحزن نعزي انفسنا في مصابنا الجلل، نعزي انفسنا في محنتنا، ومصيبتنا الكبري، نعزي انفسنا في ضحايا الارهاب، نعزي انفسنا في اختراق امن مصر ".
بينما يعبر بيتر عزيز عن دهشته من وجود اصدقاء مشتركين مع مريم فكري، فيقول:"انا مش قادر اصدق، مريم فكري دي تبقي قريبه صاحبي، انا اتفاجأت كمان لما لقيت 3 أصدقا مشتركين عالبروفيل، اذكرينا امام عرش النعمه.. يا مريم".