ادارة المنتدي ادارة المنتدي مسئول التصميمات
رقم العضو : 1 الجنس : تاريخ التسجيل : 02/10/2010 تاريخ الميلاد : 11/09/1992 عدد المساهمات : 804 نقاط : 5166495 السٌّمعَة : 16 العمر : 32
| موضوع: سلسلة محاضرات تبسيط الايمان للانبا بيشوى ( 1 ) الأحد 10 أبريل 2011 - 5:00 | |
| سلسلة محاضرات تبسيط الإيمان الأنبا بيشوى 1- الثالوث والتجسد والفداء
هل المسيحية صعبة وغير سهلة ؟
إن المسيحية من الممكن أن يفهمها الأطفال الصغار، وقد قال السيد المسيح "أحمدك أيها الآب رب السماء والأرض لأنك أخفيت هذه عن الحكماء والفهماء وأعلنتها للأطفال" ( مت11: 25 ) ، وقال أيضاً "ليس أحد يعرف الابن إلا الآب ولا أحد يعرف الآب إلا الابن ومن أراد الابن أن يعلن له" ( مت11: 27 ) . وقال أيضاً "أما المعزى الروح القدس الذى سيرسله الآب باسمى فهو يعلمكم كل شئ ويذكركم بكل ما قلته لكم" ( يو14: 26 ) . إن الروح القدس هو الذى يعرفنا كل شئ عن الآب .. عن الابن .. عن الخلاص .. عن الفداء .. وعن أهمية صلب السيد المسيح من أجل خلاصنا . فالروح القدس هو الذى يبكتنا على خطايانا، ويعرفنا مدى احتياجنا للخلاص . وإنه بدون يسوع المسيح لا يمكن أن نصل إلى الحياة الأبدية . فالروح القدس هو الذى يكشف لنا حقيقتنا الصعبة .. حقيقتنا البشعة عندما نكون محرومين من نعمة الخلاص والتبرير والبنوة لله . عندئذ يرى الإنسان الحالة التى وصل إليها عصيانه لله ومخالفته للوصية . إن الشيطان هو الذى أغوى الإنسان وهو فى الفردوس، وجعله يخالف وصية الله، وشككه فى محبته ! وقال له : إن الله لا يريدك أن تكون مثله عارفاً الخير والشر . وعندما شك الإنسان فى محبة الله سقط تحت سلطان إبليس، وسقط تحت سلطان الخطية عندما أكل من الشجرة التى قال الله له لا تأكل منها .
أجرة الخطية هى الموت
وبسبب الخطية دخل الفساد إلى طبيعة الإنسان، ودخل الموت كنتيجة للخطية . ونرى عند القبر الإنسان وهو ينتن ويأكله الدود فنعرف نتيجة الخطية وأن أجرة الخطية هى الموت . إن الدليل على حالة الفساد التى سببتها الخطية، هى حالة الفساد التى يصل إليها الإنسان فى القبر . وهنا يبدأ الإنسان يفكر كيف سيخرج من حالة الفساد ؟ ! هو يحتاج إلى الخلاص من الموت ومن الفساد . لقد أصبح هناك عداوة بين الله وبين الإنسان . وصحيح إن أجرة الخطية هى موت، لكن الإنسان أصبح يخاف من الله، وغير قادر على اكتشاف محبته . ويحتاج إلى أن يصالحه أحد مع الله، يحتاج إلى أن ينقذه أحد من سلطان الخطية، ويعطيه قوة الانتصار عليها ويشفيه منها ويشفى طبيعته . ويعيد إليه الحياة التى فقدها بسبب الخطية .
الله يعلن حبه للإنسان لم يكن من الممكن أن يتخلى الله عن الإنسان، وأن لا يسعى فى طلبه ويعمل شيئاً لأجله . لأن الله يحب الإنسان، ويعرف أن الشيطان هو الذى أغواه وهو الذى خدعه . ولكن ليس من الممكن أن يسامح الله الإنسان بدون أن يعلن غضبه ضد الخطية . لأنه كيف يسامحه بدون أن يدفع ثمن الخطية ويوفى الدين ؟ ! ليس لأن الله يريد الانتقام، ولكن لأن الله لابد أن يعلن قداسته . فلابد أن يظهر الله مدى كراهيته للخطية . وفى نفس الوقت هو يريد أن يُخلّص الإنسان ويعرّفه مدى محبته . إن الله يريد أن يبين للإنسان بشاعة الخطية، ويجعله يكرهها . ولكن لا يكفى أن يسامحه الله ويغفر له، ولكن لابد أن يشفيه . لأنه لو غفر له بدون أن يدفع ثمن الخطية لن تظهر قداسة الله بوضوح فى نظر الإنسان . فيقول الإنسان فى نفسه إن الله من الممكن أن يقبل الخطية . أى أن الخطية شئ سهل بالنسبة لله ولا تعنيه فى شئ . وبالتالى من الممكن أن يستسهل الإنسان الخطية ويعتبرها شيئاً عادياً، ولا تستحق أن يحاول أن يتحرر منها ويتركها . لذلك كان لابد أن يعمل الله شيئاً يجعل محبته وقداسته تتقابلان معاً .. فيبين للإنسان مدى كراهيته للخطية، إلى جوار محبته الجارفة للإنسان .
تقابل قداسة الله مع محبته لذلك كان لابد أن يكون هناك فداء وكفارة، لكى يسامح الله ويغفر، ولا يكون غفران الله بدون ثمن . لأنه لو ترك الأمر بدون حساب فهذا معناه أن الخطية عند الله شئ بسيط ولا تعنيه فى شئ وهذا يكون إهانة لله لأنه كيف يكون الله قدوساً فى مثل هذه الحالة !
صحيح أن الله محب . لكنه فى نفس الوقت هو قدوس . فلابد أن يعلن غضبه ضد الخطية وفى نفس الوقت يعلن محبته للإنسان لأن إعلانه لغضبه فقط يجعل الإنسان يخاف من الخطية، ولكنه فى نفس الوقت لا يستطيع أن يفهم محبة الله له . ومن هنا يظهر أهمية الفداء .
أهمية الفداء
إن السيد المسيح أخذ العقوبة التى لنا التى هى الموت . وهو لا يستحق الموت لأنه بار وبلا خطية . وبذلك استطاع أن يفدينا ويدفع ثمن الخطايا التى لكل البشر . ولكن كان لابد أن يكون هذا الفادى له قيمة كبيرة جداً بلا حدود عند الله . ولابد أن لا يكون عليه غضب الله . وهذا شئ طبيعى؛ وإلا فكيف يفدى غيره إن كان هو نفسه يستحق الموت ؟ ! لم يكن عند الله بحسب التدبير أغلى من ابنه الوحيد المتجسد لكى يقدمه فداءً عن الإنسان، لذلك يقول الكتاب "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" ( يو3: 16 ) .
الرحمة والحق تلاقيا على الصليب كان الحل؛ فالإنسان يحتاج أن يعرف عن الله أمرين فى نفس الوقت والاثنان يتقابلان معاً . يعرف أن الله يكره الخطية جداً، ويعرف أن الله يحبه جداً . فلو علم أن الله يحبه فقط ولكن يترك له الخطية فبذلك تكون صورة الله فى نظره أنه ليس قدوساً، وبذلك فإن الإنسان من الممكن أن يستسهل الخطية ولا يكرهها . وكذلك إذا رأى أن الله يكره الخطية فقط، ولم يبصر محبته فسوف يخاف من الله، وتكون هناك عداوة بينه وبين الله ولا يشعر بأبوته . ولكن هذه المشكلة ليست عند الله، ولكن عند الإنسان . إنه غير قادر على فهم الله فهماً سليماً . لذلك يقول المزمور "الرحمة والحق تلاقيا العدل والسلام تلاثما" ( مز84: 10 ) . أى أنه على الصليب الرحمة والحق إلتقيا معاً، ورأينا بأعيننا الرحمة والحق معاً، أو الرحمة والبر، فكلمة الحق تأتى أحياناً بمعنى البر . إن الله يريد أن يبين لنا مدى غضبه من الخطية : فعندما حمل السيد المسيح خطايانا ورأيناه يُجلَد .. ويُعذَب .. ويتألم وهو لم يفعل شيئاً سيئاً ! ولكن كل هذا بسبب خطايانا نحن . فهل إلى هذه الدرجة تؤذى الخطية قلب الله ويكرهها إلى هذه الدرجة ؟ ! لدرجة أنها استوجبت أن المسيح البار القدوس، ابنه الوحيد، يتألم كل هذه الآلام لكى يدفع ثمن خطية الإنسان ! إن هذا يجعل الإنسان ينظر إلى الخطية ويرى مدى فظاعتها ويرى المسيح وهو يُجلَد، ويعرف أن المسيح قد جُلِد لأجله، لأنه دفع ثمن لذة الخطية . إذ أن الله يحبه ويريد أن يخلصه من الهلاك الأبدى . ولكن بالرغم من أن هذا الجلد لم يقع على الإنسان الخاطئ .. ولكنه يشعر أنه هو الذى يُضرَب، لأن هذه هى خطيته . وهذا يجعله يخجل من الله، ويشعر أن السياط ينزل على مشاعره هو . وصوت الرب يناديه : هل هذه هى لذة الخطية التى تحبها ؟ ! . انظر أن السيد المسيح هو الذى يدفع ثمنها ! هل سوف تحبها مرة أخرى أم سوف تبدأ فى كراهيتها ؟ ! . إن الله لو فعل ذلك فى الإنسان الخاطئ نفسه فلن يشعر أن الله يحبه بالرغم من أن الإنسان يستحق هذه العقوبة . لكن عندما يرفع الله عن الإنسان العقوبة ويدفع هو ثمنها . يبدأ الإنسان يقول فى نفسه : هل أنا الذى سوف أتسبب للبار القدوس فى أن يتعذب بهذه الطريقة . لابد أن أراجع نفسى .. لابد أن أتوب .. لابد أن أكره الخطية ولا يمكن أن أحبها .
فيه كانت الحياة يُحكَى عن إنسان كان بحاراً وكان له أخ أكبر رجل قديس وبار . وهذا البحار كان إنساناً شريراً وخاطئاً . وكان الإثنان بحارة على مركب واحد . وفى أحد الأيام هاج البحر وكانت المركب على وشك الغرق . وعدد الركاب كان كبيراً جداً فى السفينة، وعدد قوارب النجاة قليل . فقال القبطان سوف نعمل قرعة ومن أتى اسمه فى القرعة هو الذى سوف يركب فى قوارب النجاة ومن لم يأتِ اسمه فى القرعة سوف يُترك فى المركب . وعندما تم عمل القرعة جاء اسم الأخ القديس فى القرعة لكى يركب قارب النجاة، أما الأخ الخاطئ فاسمه لم يأتِ فى القرعة . فحزن جداً وقال سوف أموت الآن . فالأخ الكبير قال له لا تبكى ولكن اركب أنت مكانى وأنا سوف آخذ مكانك . فقال له ما ذنبك ؟ فقال له الأخ الأكبر أنت الآن إذا مت وأنت غير مستعد سوف تهلك وتذهب إلى الجحيم، ولكن أنا أحب السيد المسيح وأتمنى أن أكون فى أحضانه، وبنعمة الله سوف أذهب إلى الفردوس بعد موتى لأن "لى اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح ذاك أفضل جداً" ( فى1: 23 ) . فمن الأفضل أن أموت أنا الآن لأن موتى لن يؤدى إلى هلاكى . ولكن موتك أنت سوف يؤدى إلى هلاكك . لكن لى شرطاً أنك تحيا حياتى التى كنت أحياها أنا . لأنى سوف أموت لأجلك، فلابد أنك تعيش لأجلى . وقد وافقه الأخ الأصغر على هذا الشرط وعاهده عليه . وعندما نزلت قوارب النجاة إلى البحر بدأ الأخ الصغير يندم على خطيته ويتوب، وهو يرى الأخ الأكبر وهو على مسطح المركب الغارق وهو يناديه ويلوح له من بعيد قائلاً : لا تنسى العهد الذى بيننا أنك تعيش حياتى كما أنى أموت بدلاً منك . إن هذه القصة توضح لنا ما فعله السيد المسيح لأجلنا . فنحن إذا حملنا خطايانا فسوف نهلك إلى الأبد، لكن إن حمل هو خطايانا لن يهلك لأنه هو الحياة "أنا هو الطريق والحق والحياة" ( يو14: 6 ) . فقد كانت قوة الحياة التى فى المسيح يسوع، أقوى من قوة الموت الذى لنا . فالله يريد أن يبين لنا مدى كراهيته للخطية وأنه يغضب بسببها . وقد أعلن الله غضبه ضد الخطية عندما دفع السيد المسيح ثمن خطايانا على الصليب "البار من أجل الأثمة" ( 1بط3: 18 ) . السيد المسيح لا يمكن أن يمسكه الموت، وأما نحن فالموت حينما يبتلعنا لا نستطيع أن نخرج منه مرة ثانية، إلا إذا أخرجنا السيد المسيح بنفسه من جوف الموت .
الله يخفى لاهوته عن الشيطان عندما أغوى الشيطان حواء قال لها تعالى انظرى هذه الشجرة "فرأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل وأنها بهجة للعيون وأن الشجرة شهية للنظر فأخذت من ثمرها وأكلت، وأعطت رجلها أيضاً معها فأكل" ( تك3: 6 ) . والشيطان لكى يفعل ذلك اختفى فى الحية "وكانت الحية أحيل جميع حيوانات البرية" ( تك3: 1 ) . فقال السيد المسيح سوف أسقى الشيطان من نفس الكأس التى سقاها للبشر . فأتى ابن الله الوحيد -كلمة الله- وتجسد وأخفى لاهوته عن الشيطان وأتى فى صورة إنسان . وأصبح الشيطان متحيراً إن كان هو كلمة الله أم لا ؟ فأحياناً يقول لا؛ لأنه عندما صام على الجبل جاع أخيراً، وبدأ الشيطان يشك ويجربه والسيد المسيح كان يخفى لاهوته عنه . وظل هكذا حتى غضب الشيطان منه لأنه كان يصنع معجزات كثيرة ويبشر بحياة القداسة والتوبة ويجذب الناس إلى محبة الله فقرر أن يتخلص منه . فعلق السيد المسيح على الصليب . والصليب صنع من خشب الشجر ويقول القديس مار أفرام السريانى }على الصليب عُلقت الثمرة{ وقال الرب للشيطان : هل ترضى أيها الموت أن تبتلع هذه الثمرة المعلقة على هذه الشجرة ؟ والمقصود بالموت هنا هو إبليس . قال : نعم سوف ابتلعها . وفتح الموت فاه لكى يلتهم هذه الثمرة المعلقة على الشجرة . لأنه رآها شهية للنظر وجيدة للأكل . لكن عندما ابتلع الموت هذه الثمرة ابتلع الحياة فكانت النتيجة أن ابُتلع الموت من الحياة . كأن تبتلع حجرة مظلمة مصباحاً موقداً مضيئاً، فالظلام يتبدد . فمن هو الذى ابتلع الآخر ؟ هل الظلام هو الذى ابتلع النور ؟ أَم النور هو الذى ابتلع الظلام ؟ ! . إن هناك نوع من السمك الصغير عندما يبتلعه السمك الكبير؛ فالسمكة الصغيرة تأكل بطن السمكة الكبيرة من الداخل حتى تثقبها وتخرج منها وتتغذى عليها . فمع أن السمكة الكبيرة هى التى ابتلعت الصغيرة، لكن الصغيرة هى التى أكلت الكبيرة . فكما قال القديس مار أفرام السريانى}الموت ابتلَع الحياة فالموت ابتُلِع من الحياة{ . فالجحيم ابتلع الحياة ولكنه لم يستطع أن يحتمل الحياة فى داخله .
بالموت داس الموت صحيح أن الموت أعلن قداسة الله على الصليب . حينما احتمل السيد المسيح الغضب الإلهى الذى نتج عن خطايا البشر، ولكنه فى نفس الوقت غلب الموت وانتصر عليه . مثل شخص مصارع يسألونه هل تستطيع أن تغلب الأسد ؟ فيقول نعم . بل أستطيع أكثر من ذلك . أستطيع أن أترك الأسد يبتلعنى ثم بعد ذلك انتصر عليه . وبذلك يكون ذلك المصارع هو أقوى الأقوياء . فالسيد المسيح ترك الموت لكى يبتلعه ثم بالموت داس الموت وقام منتصراً فى اليوم الثالث من بين الأموات . لم يقمه أحد ولكنه بسلطانه الإلهى قد أقام نفسه . فمثلاً لعازر أخو مرثا ومريم أقامه السيد المسيح إذ قال له "لعازر هلُمَّ خارجاً" ( يو11: 43 ) . ولكن السيد المسيح من الذى أقامه ؟ ! وكما قال "ابن الإنسان سوف يسلم إلى أيدى الناس فيقتلونه وفى اليوم الثالث يقوم" ( مت17: 22، 23 ) . وقال لليهود عن هيكل جسده "انقضوا هذا الهيكل وفى ثلاثة أيام أقيمه" ( يو2: 19 ) . وقد اعتقد اليهود أنه يتحدث عن هيكل سليمان ولكنه كان يتكلم عن هيكل جسده وكما يقول الكتاب "أين شوكتك يا موت أين غلبتك يا هاوية ؟ ! " ( 1كو15: 55 ) . وقد قام السيد المسيح من بين الأموات . وإن لم يكن قد قام فسوف تكون القصة محزنة جداً . فالسيد المسيح بموته حل مشكلة الخطية . ولكن إن كان قد مات ودفع ثمن خطايانا وحل مشكلة الخطية لكنه لم يحل مشكلة الموت . فبموته حل مشكلة الخطية وبقيامته حل مشكلة الموت الذى نتج عن الخطية . إنه بالقيامة قد فرح التلاميذ، وفرحت الكنيسة، وفرح العالم كله "أنار الحياة والخلود" ( 2تى1: 10 ) . وأيضاً يقول الكتاب "فإن الحياة أُظهَرت وقد رأينا ونشهد ونخبركم بالحياة الأبدية التى كانت عند الآب وأظهرت لنا" ( 1يو1: 2 )
أهمية القيامة بالنسبة للبشرية إن هذه القصة تبين لنا أهمية القيامة بالنسبة للبشرية، وكذلك تبين لنا فكرة الفداء والكفارة والخلاص بدم المسيح .. كان شخصاً يوصى ابنته أن لا تخرج من المنزل فى وقت متأخر، لأنه يخاف عليها . ولكنها كانت تظن أن والدها لا يحبها . لأنه يقيدها ويعطيها أوامر . وهى تريد أن تخرج مع صديقاتها وتستمتع . وفى أحد الأيام تزينت وكانت تريد أن تخرج . وسألها والدها إلى أين تذهب ؟ ولكنها لم ترد أن تجيب وخرجت وهى لا تبالى . فذهب وراءها بدون أن تشعر لأنه كان يخاف عليها . فطلع عليها مجموعة من الشبان يريدون أذيتها وسرقتها . فلم يحتمل والدها هذا المنظر وتحرك بسرعة نحوهم وهو يصرخ : ابنتى .. ابنتى . وبظهوره المفاجئ تركوا الابنة، واشتبكوا مع الأب بالسكاكين . وأفلتت الابنة ونظرت والدها وهم يذبحوه أمام عينيها . وذهبت إلى منزلها وهى فى حالة من الانهيار التام وهى تبكى وتقول لأمها : أنا السبب فى قتل أبى وهو قد ذُبح أمامى . وجلست تتذكر أنه كم من المرات قد أوصاها وكانت تعتقد أنه لا يحبها : كانت ترى فى وصيته أنه يكرهها وهى لا تدرك مدى محبته لها . وقد ظلت على هذه الحالة حزينة وكئيبة، وهى لا تطيق الحياة . وفى أحد الأيام وجدت الباب يقرع . وعندما فتحت الباب وجدت والدها أمامها، فرحت به وقبلته وسألته كيف أتى ؟ فقال لها قد أتيت حتى لا تعيشين طوال عمرك وأنت تشعرين أنك أنت التى تسببتى فى موتى . فكما أن حبى لكِ جعلنى أموت من أجلك .. فحبى لكِ أيضاً هو الذى جعلنى أرجع مرة ثانية للحياة لكى أجعلك تفرحين بقيامتى .. تفرحين بتوبتك ورجوعك إلىّ .. تفرحين بحياتك معى . وهذه كانت فرحة الكنيسة عندما تقابلت مع السيد المسيح القائم .
المغزى من وراء القيامة وهنا نستطيع أن نفهم المغزى الذى وراء القيامة . حيث إن السيد المسيح قد رجع إلى الكنيسة لكى يفهمها أنه حتى حزن الصليب لا يستطيع أن يتركها فيه . فبالرغم من أنه قد دفع ثمن خطايانا ولكننا سوف نعيش طوال العمر ونحن نشعر أن أيدينا ملوثة بدم السيد المسيح لأننا نحن السبب . لذلك قال القديس بولس عن السيد المسيح "الذى أُسلم من أجل خطايانا وأُقيم لأجل تبريرنا" ( رو4: 25 ) . لأننا لا نستطيع أن نتبرر ونستعيد سلامنا إلا إذا قام السيد المسيح من بين الأموات . فإذا كان بالصليب قد دفع ثمن خطايانا، فبقيامته محا خطايانا وسامحنا وصالحنا . وقد كان الإنسان لابد أن يطمئن على مصيره وذلك بعودة الحياة من جديد مرة أخرى . وهذه هى القيامة التى تبشر بها المسيحية فى العالم كله . وعندما أراد الرسل اختيار أحد التلاميذ بدلاً من يهوذا الإسخريوطى قالوا نختار واحداً شاهداً معنا بقيامة السيد المسيح "يصير واحداً منهم شاهداً معنا بقيامته" ( أع1: 22 ) .
المسيح هو باكورة الراقدين إن المسيحية تبشر بالحياة وبقيامة السيد المسيح من بين الأموات "قد قام المسيح من الأموات وصار باكورة الراقدين" ( 1كو15: 20 ) . وبذلك عرف الإنسان أنه يوجد حياة أخرى بعد الموت، وكذلك عندما شاهد التلاميذ السيد المسيح صاعداً إلى السماوات . عرفوا أنه ليس فقط يوجد حياة بعد الموت ولكن يوجد ملكوت سماوى وحياة أفضل . لذلك فإن السيد المسيح قال "أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل" ( يو10: 10 ) .
الذى رآنى فقد رأى الآب يُحكَى عن ملك أوحى عدو له إلى الشعب أنه ملك مستبد وقاسى لذلك شعروا أنهم لا يستطيعون أن يحبوه . فسمع الملك هذا الكلام وشعر أن الشعب متضايق منه لأنهم لا يفهموه . فلبس ثياب بسيطة فوق ثياب الملك ونزل وعاش فى وسطهم، يحل لهم مشاكلهم ويترأف عليهم، ويعطيهم من حكمته، والمريض يظل بجواره ويخدمه حتى يُشفى . فأحبه جميع الشعب جداً وقالوا لم نرَ شخصاً بهذه الروعة نحن نريد هذا الرجل أن يكون ملكاً علينا . وفى أحد الأيام خطفوه وذهبوا به إلى قصر الملك واقتحموا القصر وهتفوا قائلين : يحيا الملك .. يحيا الملك وأجلسوه على العرش . فخلع الملك الثياب التى كان متخفياً فيها وقال لهم أنا هو الملك أنتم لم تعرفونى، ولكنكم الآن قد عرفتم محبتى وعرفتم حقيقتى . لذلك عندما قال فيلبس أحد الإثنى عشر تلميذ للسيد المسيح "يا سيد أرنا الآب وكفانا . قال له يسوع أنا معكم زماناً هذه مدته ولم تعرفنى يا فيلبس . الذى رآنى فقد رأى الآب فكيف تقول أنت أرنا الآب ؟ ! ألست تؤمن إنى أنا فى الآب والآب فىّ" ( يو14: 8-10 ) . فالآب والابن والروح القدس إله واحد .
هل المسيح هو الله أم ابن الله ؟ سألتنى إحدى البنات الصغيرات فى مدارس الأحد هل المسيح هو الله أم ابن الله ؟ فأجبتها إن أى ملك هو ابن ملك فعندما نقول عنه أن هذا هو الملك يكون الكلام صحيحاً، وعندما نقول إنه ابن الملك يكون الكلام صحيحاً أيضاً لأنه من الجنس الملوكى : فهو ملك ابن ملك . فالسيد المسيح هو الله بسبب جوهره الإلهى أنه واحد مع الآب فى الجوهر، وهو ابن الله بسبب أنه كلمة الله المولود من الآب قبل كل الدهور . وهناك من يسأل . هل المسيح إنسان ثم أصبح إله فنجيب . لا . لأننا نرفض تماماً أن أى إنسان يصير إلهاً . لكن السيد المسيح هو إله متجسد، وليس إنساناً متألهاً . لذلك نقول فى قانون الإيمان }نؤمن برب واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد المولود من الآب قبل كل الدهور{ أى قبل خلق العالم والملائكة والبشر . فكلمة الله مولود من الآب . }نور من نور، إله حق من إله حق، مولود غير مخلوق، مساوى للآب فى الجوهر{ .
مولود غير مخلوق إن الآب لم يخلق الابن، لأننا نعرف أن الابن هو كلمة الله، ويمكن أن نأخذ تشبيهاً سهلاً : مثل العقل والفكر . فالعقل يلد الفكر، ولا يوجد عقل بدون فكر . والعقل بدون فكر لا يكون عقلاً . والنور يلد الشعاع، فهل النور يتزوج لكى يلد الحرارة ! بالطبع لا . إذن فولادة العقل من الفكر هى ولادة طبيعية، وكذلك ولادة النور من النور هى ولادة طبيعية . ولكن هل لأن العقل هو الذى يلد الفكر فمعناه أن العقل كان يوجد من قبل الفكر ؟ ! فالإجابة لا . لأن العقل بدون فكر لا يكون عقلاً . فالعقل والفكر شئ واحد، لا يمكن فصلهما لأنه كيف يمكن فصل العقل عن الفكر الموجود داخله ! لأنه لو تم فصل العقل من الفكر : فالعقل لا يكون عقلاً . وكذلك لو تم فصل كلمة الله عن الله، فالله يفقد ألوهيته . وإذا كان العقل لا يوجد له بداية فالفكر أيضاً لا يوجد له بداية . إذا كان الآب أزلياً فالابن أيضاً أزلى والآب وكلمته واحد لا يمكن فصلهما لذلك قال "أنا والآب واحد" وليس فقط الآب والكلمة واحداً؛ ولكن الآب والكلمة والروح القدس لذلك نقول }باسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين{ . نحن نؤمن أن الله واحد . لأنه لا يوجد أكثر من إله فى الوجود . لكن الله الآب ليس من الممكن أن يكون هو الله إلا إذا كان هو أبو الكلمة فلا يوجد أب بدون ابن . مثل الينبوع والتيار فالينبوع يلد التيار . الينبوع والد التيار المولود : لكن لا يوجد ينبوع بدون تيار ولا تيار بدون ينبوع، لأنه كيف أتى الماء . فلابد أن يكون الينبوع له تيار والتيار له ينبوع لذلك قال "تركونى أنا ينبوع المياه الحية لينقروا لأنفسهم أباراً أباراً مشققة لا تضبط ماء" ( أر2: 13 ) . والسيد المسيح قال "أنا هو الطريق والحق والحياة" ( يو14: 6 ) . فالماء الحى الخارج من الآب هو الابن . لأن الابن قال أنا هو الحياة . فالآب هو الوالد والابن هو المولود . لكن بدون زواج . إن الولادة من الآب السماوى شئ، والولادة من العذراء شئ آخر . فهو مولود من الآب قبل كل الدهور وقبل خلق العالم كله ولادة إلهية روحية بدون أم . لذلك نقول عنه فى قانون الإيمان }المولود من الآب قبل كل الدهور{ . عندما أراد الله أن يخلصنا أرسل ابنه مولوداً من امرأة مولوداً تحت الناموس ليفتدى الذين هم تحت الناموس من لعنة الخطية كما قال الكتاب "ولكن لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولوداً من امرأة مولوداً تحت الناموس . ليفتدى الذين تحت الناموس لننال التبنى" ( غل4: 4، 5 ) وأيضاً يقول الكتاب "الكلمة صار جسداً وحل بيننا ورأينا مجده مجداً كما لوحيدٍ من الآب مملوءًا نعمةً وحقاً" ( يو1: 14 ) . إنه كلمة الله الأزلى الذى هو كائن فى حضن الآب كل حين وكما يقول "الابن الوحيد الذى هو فى حضن الآب هو خبَّر" ( يو1: 18 ) . فعندما تجسد الكلمة رأينا الله . لذلك يقول "الذى رآنى فقد رأى الآب" ( يو14: 9 ) .
كيف تم التجسد ؟ لقد حل الروح القدس على العذراء مريم بدون زواج، وطهَّرها، وقدسها، وملأها نعمة، وكوّن من جسدها ناسوتاً أو طبيعة إنسانية . وهذه الطبيعة البشرية الخاصة به اتخذها كلمة الله وتجسد بها، لكى يولد من العذراء كإنسان . وكما نقول إنه بولادته من الآب قد دعى ابن الله، هكذا نقول بولادته من العذراء يسمى ابن الإنسان . ولكن ابن الله هو هو نفسه ابن الإنسان، وليس شخصاً آخر؛ حتى بعد ولادته من العذراء هو ابن الله . لذلك قال الملاك للعذراء "القدوس المولود منك يدعى ابن الله" ( لو1: 35 ) . والسيد المسيح نفسه كان أحياناً يسمى نفسه "ابن الإنسان"، وأحياناً أخرى "ابن الله" . فكما وُلد من الآب قبل كل الدهور ولادة روحية إلهية بدون أم، هكذا أيضاً ولد فى ملء الزمان ولادة إنسانية بدون أب . فهو ولد من الآب أزلياً بدون أم، وولد من العذراء ولادة زمنية بدون أب . فلا ينبغى أن يتم خلط الولادتين معاً . ولا يسأل واعظ ساذج أو بسيط فى عظة }المسيح من أبوه ؟ ! { . فيرد الناس ليس له أب . فيرد فى بساطة ويقول لأن الله أبوه . وهذا الكلام غير صحيح فالمسيح ليس له أب جسدى لأنه ولد من العذراء بدون أب، وليس له أم فى اللاهوت لأنه ولد من الآب بلاهوته بدون أم .
كيف أن الآب والابن والروح القدس واحد ؟ النار يوجد بها لهب؛ واللهب يخرج منه نور وحرارة . فاللهب يسمى نار، والنور يسمى نار، والحرارة تسمى نار، والدليل على ذلك من الممكن أن نقول إننا نوقد النار، أو إننا نوقد اللهب، أحياناً نقول نحن نستنير بالنار أو نحن نستدفئ على الحرارة أو نحن نستدفئ على النار . فاللهب والنور والحرارة الخارجة منه شئ واحد أى نار واحدة وليسوا ثلاثة نيران . ولكن اللهب غير النور غير الحرارة . ومع أن اللهب غير النور غير الحرارة ولكن اللهب إن لم يلد نوراً ويشع حرارة لا يكون ناراً على الإطلاق . فاللهب بنوره وحرارته يكون ناراً حقيقية . هكذا إذا تأملنا فى الثالوث القدوس نفهم أن الآب هو الله، والابن هو الله، والروح القدس هو الله . مثل اللهب نار، والنور نار، والحرارة نار، فالآب هو الله الآب، والابن هو الله الابن، والروح القدس هو الله الروح القدس، ويمكن أن يُقال الله فقط بدون الآب . كما نقول أن اللهب هو نار فالتسمية ليست مشكلة ولكن إذا لم يوجد الابن لا يوجد الله . لأنه لا يوجد آب بغير ابن ولا توجد نار بغير حرارة؛ حتى لو كان هناك لهب . لأن اللهب بدون حرارة ليس له قيمة، وكذلك أيضاً العقل بدون فكر ليس له قيمة، فالمولد يلد كهرباء، والنور يلد شعاع، والعقل يلد فكر، والزهور تلد رائحة، والمغناطيس يلد مجال مغناطيسى، والنبات يلد براعم، ولا يوجد شئ فى الوجود كله لا يلد غير الحجر والجماد الأصم . فالله أعلن لنا أنه كإله واحد هو آب وابن وروح قدس .
كيف يموت السيد المسيح وهو الله الكلمة المتجسد ؟ إن السيد المسيح قد مات بحسب الجسد، لكن لم يمت بحسب طبيعته الإلهية . فالإنسان العادى له روح وجسد : فروحه لا تموت، ولكن جسده يموت، وهو إنسان واحد . فبعد أن يموت جسد الإنسان يبقى روحاً حياً لأن إلهنا "ليس هو إله أموات بل إله أحياء" ( مر12: 27 ) . فإذا كان الإنسان روحه وجسده متحدان معاً، ومن الممكن أن يموت بحسب الجسد ولا يموت بحسب الروح كما قيل عن ناسوت السيد المسيح بعد موته على الصليب بالجسد وبقاء روحه الإنسانية حياً وكلاهما متحداً باللاهوت "مماتاً فى الجسد ولكن محيياً فى الروح" ( 1بط3: 18 ) . فبنفس الصورة الكلمة المتجسد من الممكن أن يموت بحسب الجسد ولا يموت بحسب الروح الإنسانية، وبالطبع أيضاً بالمثل لا يموت بحسب الطبيعة الإلهية، لأن لا الروح الإنسانية يموت، ولا اللاهوت يموت .
كيف يوضع فى القبر ومن كان يدير العالم وقتئذ ؟ إن الذى وضع فى القبر هو جسد السيد المسيح المتحد باللاهوت، ولكن فى نفس الوقت لاهوته يملأ الوجود كله . وأيضاً بالمثل كيف وهو فى بطن العذراء يدير العالم كله ؟ ! إن أى شخص له جهاز تليفزيون يمكنه أن يستقبل فيه الصورة والإرسال . ولكن الإرسال مالئ الفراغ المحيط به بحيث يمكن أن يستقبل نفس الإرسال شخص آخر فى دولة أخرى حول العالم، وهو نفس الإرسال فبرغم من أن الإرسال مالئ الأجواء العليا إلا أنه يمكن أن يُستقبَل فى جهاز صغير بكل تفاصيله وأحداثه وألوانه وكلماته . فعندما تجسد السيد المسيح فى بطن العذراء اتحد اللاهوت بالناسوت وفى نفس الوقت لاهوته كان يملأ الوجود كله، ولا يحده مكان . فإذا كان إرسال التليفزيون من الممكن أن يملأ الأجواء والعالم كله ولا نتعجب من استقباله فى جهاز صغير فى بيت ! هل نتعجب أن لاهوت السيد المسيح يملأ الوجود كله وفى نفس الوقت تستقبله العذراء مريم متجسداً فى بطنها بسر لا ينطق به ومجيد . ونفس الوضع عندما كان فى القبر وهو نفسه قال "ليس أحد صعد إلى السماء إلا الذى نزل من السماء ابن الإنسان الذى هو فى السماء" ( يو3: 13 ) . أى أن لاهوته يملأ السماء والأرض .
هل يمكن أن يتجسد الله ؟ إن الله منزه عن الخطية، والتجسد ليس خطية والسيد المسيح جاء قدوس وبلا خطية . والجميع يعترفون بهذا والله منزه عن التغير ونحن نقول إن لاهوته متحد بناسوته بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير، والتجسد لم يجعل اللاهوت يتغير بدليل أننا نقول إن السيد المسيح مات بحسب الجسد، وليس بحسب اللاهوت . فعند التجسد لم يمت اللاهوت أى أن لاهوته لم يتغير قبل وبعد التجسد . فطبيعته الإلهية لم تتغير . إذن فلا يوجد تغير ولا خطية، ولكن التجسد كان لأجل خلاص البشرية ولإظهار حب الله . وكما ظهر الله لموسى على هيئة نار فى العليقة والكل يعترفون بذلك .. وكلمه قائلاً "أنا الله" وقد رآه على هيئة نار مشتعلة فى الشجرة . إذن الله من الممكن أن يظهر . فأيهما أفيد وأفضل ؟ ! أن يظهر على هيئة نار ؟ أم أن يظهر كفادٍ ومخلص، لكى يظهر لنا محبته على الصليب ؟ ! إن العليقة المشتعلة بالنار فى برية سيناء كانت تشير إلى التجسد فى بطن العذراء مريم حيث لم يحترق الناسوت لسبب اتحاده باللاهوت، وتشير إلى الصليب، لأنه على الصليب اشتعلت نار العدل الإلهى . والشجرة التى ترمز إليها العليقة هى خشبة الصليب . لذلك يذكرنا مشهد الصليب بالمشهد الذى رآه موسى على الجبل . وهنا قد أوضحنا أن السيد المسيح هو ابن الله الوحيد الذى تجسّد لأجل خلاصنا، لكى يفدينا وأعطانا حياته لكى نعيش بها كما يقول بولس الرسول "وهو مات لأجل الجميع كى يعيش الأحياء فيما بعد لا لأنفسهم بل للذى مات لأجلهم وقام" ( 2كو5: 15 ) فهل نحيا نحن وندرك أننا لسنا لذواتنا ولا لشهواتنا بل للمسيح الذى اشترانا بدمه ؟ ..
اذكرونى فى صلواتكم
| |
|
ادارة المنتدي ادارة المنتدي مسئول التصميمات
رقم العضو : 1 الجنس : تاريخ التسجيل : 02/10/2010 تاريخ الميلاد : 11/09/1992 عدد المساهمات : 804 نقاط : 5166495 السٌّمعَة : 16 العمر : 32
| موضوع: سلسلة محاضرات تبسيط الايمان للانبا بيشوى ( 2 ) الأحد 10 أبريل 2011 - 5:02 | |
| سلسلة محاضرات تبسيط الإيمان الأنبا بيشوى 2- تحقيق النبوات
لماذا ولد السيد المسيح فى بيت لحم ؟
إن السيد المسيح هو ملك الملوك، ورب الأرباب . وقد أراد بميلاده فى بيت لحم أن يعلمنا الإتضاع، وأن الكرامة الحقيقية تنبع من الداخل وليس من المظاهر الخارجية . فالحب مجد، والكراهية عار . فليس المجد فى الملابس الثمينة الغالية الثمن أو الذهب . فالإنسان الأصيل هو الذى معدنه مثل الذهب، هذا هو الإنسان الذى له المجد الداخلى . وهذا هو أول درس يعلمه لنا السيد المسيح من ميلاده فى حظيرة للأغنام . وهناك دروس أخرى هامة من الممكن أن نتعلمها من قصة الميلاد .
هوذا حمل الله الذى يرفع خطية العالم لقد ولد السيد المسيح فى وسط الأغنام لأنه هو حمل الله، وكما قال يوحنا المعمدان "هوذا حمل الله الذى يرفع خطية العالم" ( يو1: 29 ) . فكان من الطبيعى أن الخروف الذى سيحمل خطية العالم، والذى سيذبح من أجل خلاصنا؛ أن يولد فى وسط الأغنام أو الخرفان . وبالأخص فى مدينة بيت لحم حيث المراعى الكثيرة . فبيت لحم كانت تُربَى فيها الأغنام حيث المراعى الكثيرة . كما أنها كانت قريبة من أورشليم . وأيضاً يوجد بها هيكل سليمان الذى كانت تقدم فيه ذبائح لغفران خطايا الشعب فى العهد القديم . وهذا الغفران كان رمزاً للغفران الحقيقى الذى تم بذبيحة الصليب، وذلك عندما سفك المسيح دمه على الصليب، ومات من أجل خطايانا، ثم قام من الأموات، وصعد إلى السموات . فكان من الطبيعى أن الحمل يولد فى وسط الحملان . وهذه نبوة واضحة جداً عن أنه حمل الله الذى يحمل خطية العالم كله .
معنى الفداء أمر الله إبراهيم أن يذبح ابنه وحيده إسحق، فأخذ إبراهيم ابنه إسحق وربطه، ووضعه على الحطب حتى يذبحه، فمنعه الله وأرسل إليه خروفاً، فأخذه إبراهيم وذبحه عوضاً عن إسحق حسب أمر الرب . أى أنه قد فدى إسحق بهذا الخروف، وهذا هو معنى الفداء . إن السيد المسيح قد جاء لكى يقدم نفسه فدية أو ذبيحة من أجلنا . وكان الدافع لهذه التضحية هو محبته لنا . وذلك لكى يوفى الدين الذى علينا بسبب الخطية . فبميلاد السيد المسيح فى وسط الحملان، أراد أن يوضح لنا من أول لحظة لميلاده فى العالم، أنه لم يأتِ لكى يتنعم بالحياة على الأرض، بل لكى يقدم نفسه ذبيحة . ففى الميلاد نرى الصليب بطريقة رمزية واضحة فى الأحداث المحيطة بالميلاد .
الرب راعىّ فلا يعوزنى شىء إن السيد المسيح هو الراعى، وهو الحمل أيضاً . فمن الطبيعى أن يكون الراعى فى وسط الأغنام . لأنه إن لم يولد فى وسط الغنم فمن الذى سوف يرعاهم ؟ ! إن وجوده فى وسط الحملان أو الغنم؛ يعلن أنه هو الراعى الحقيقى، وكما يقول المزمور "الرب يرعانى فلا يعوزنى شىء . فى مراع خضر يربضنى، على مياه الراحة يوردنى، يرد نفسى، يهدينى إلى سُبُل البر من أجل اسمه" ( مز22: 1-3 ) . فمن الذين بشرهم الملاك بميلاد السيد المسيح فى ليلة ميلاده ؟ إن المجوس قد أتوا بعد فترة عندما ظهر لهم النجم فى المشرق، وأتوا وقدموا هداياهم . فمن الذين احتفلوا بميلاد السيد المسيح فى ليلة ميلاده ؟ ! إلى جوار السيدة العذراء القديسة مريم والدة الإله، وخطيبها القديس يوسف النجار الذى كلفه الله برعاية السيدة العذراء والطفل المولود، وطبعاً لم يكن متزوجاً من العذراء بمعنى الزواج الجسدى؛ لكنه كان حارساً وخادماً للطفل المولود لكى يؤدى رسالته، وإلى أن يكبر هذا الطفل وتبدأ فيما بعد خدمته من أجل خلاص العالم .
بشارة الملاك للرعاة "وكان فى تلك الكورة رعاة متبدين يحرسون حراسات الليل على رعيتهم . وإذا ملاك الرب وقف بهم ومجد الرب أضاء حولهم، فخافوا خوفاً عظيماً . فقال لهم الملاك : لا تخافوا؛ فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب . إنه ولد لكم اليوم فى مدينة داود مخلص هو المسيح الرب . وهذه لكم العلامة تجدون طفلاً مقمطاً مضجعاً فى مذود . وظهر بغتة مع الملاك جمهور من الجند السماوى مسبحين الله وقائلين . المجد لله فى الأعالى وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة" ( لو2: 8-14 ) . فالذين بُشروا بميلاد السيد المسيح، ونظروا هذه المناظر السماوية العظيمة، وسمعوا البشارة المفرحة بميلاد المخلص؛ هم الرعاة الذين يرعون الغنم . لأن هؤلاء هم زملاء السيد المسيح راعى الخراف العظيم وراعى الرعاة ومن الطبيعى أن يحتفل السيد المسيح بميلاده فى وسط زملائه .
أنا هو الراعى الصالح لقد ولد السيد المسيح فى وسط الأغنام . لأنه هو الراعى . والذين أتوا لكى يباركوا لولادته هم زملاؤه الرعاة . فمسألة أن السيد المسيح هو الراعى مسألة خطيرة جداً، وهامة جداً . لأنه هو نفسه قال "أنا هو الراعى الصالح . والراعى الصالح يبذل نفسه عن الخراف" ( يو10: 11 ) . وأيضاً قال "لهذا يحبنى الآب لأنى أضع نفسى لآخذها أيضاً" ( يو10: 17 ) . وقد كرر السيد المسيح أنه هو الراعى الصالح، وأكد أنه قد أتى لكى يقدم الرعاية الحقيقية باعتباره أنه هو الله الظاهر فى الجسد . وهو الله الراعى الحقيقى . كما قال داود النبى "الرب يرعانى فلا يعوزنى شئ" ( مز22: 1 ) . فكان لابد أن السيد المسيح يكون هو الراعى . لأن الرعاة الذين هم كهنة إسرائيل كانوا قد أهملوا الرعاية . فكان لابد أن يأتى رئيس كهنة جديد يكون هو الراعى . إن رعاة إسرائيل هم الذين صلبوا السيد المسيح . لذلك تغير الكهنوت من كهنوت العهد القديم الهارونى إلى كهنوت العهد الجديد على رتبة ملكى صادق . أى كهنوت السيد المسيح الذى يقدم فيه جسده ودمه فى العهد الجديد بعد إتمام الفداء . خبز وخمر حاضر على المذبح، نتناول منه من أجل غفران خطايانا، ونيل الحياة الأبدية . فالسيد المسيح هو نفسه الذى أسس سر العشاء الربانى فى ليلة صلبه، وأعطاه لتلاميذه وقال "اصنعوا هذا لذكرى" ( لو22: 19 ) أى تذكاراً حياً معاشاً لموته على الصليب وقيامته من بين الأموات .
لماذا اختار الملاك الرعاة ؟
إن هناك فرق بين راعٍ ساهرٍ على حراسة الرعية؛ وبين راعٍ يبدد الرعية . وهنا نسأل ما هو السبب فى اختيار الملاك لهؤلاء الرعاة إلى جوار أنهم كانوا ساهرين ؟ السبب إن هؤلاء الرعاة كانوا يبحثون عن الخلاص . والدليل على ذلك؛ أنه عند ذهاب السيدة العذراء مريم إلى الهيكل لكى تقدم السيد المسيح بعد أربعين يوماً من ميلاده، وقفت حنّة النبية بنت فنوئيل، وتكلمت عن المسيح مع جميع المنتظرين فداءً فى أورشليم . أى أن روح الله قد أعلن لها أن هذا هو المخلص .. بمجرد دخول السيد المسيح الهيكل، تكلم روح الله على فم حنّة النبية، وبدأت تتحدث عن أنه هو خلاص إسرائيل، وخلاص العالم "وكانت نبية حنّة بنت فنوئيل من سبط أشير .. فهى فى تلك الساعة وقفت تسبح الرب وتكلمت عنه مع جميع المنتظرين فداءً فى أورشليم" ( لو2: 36-38 ) . إن الروح القدس كان يحرك بعض الأشخاص فى وقت ميلاد السيد المسيح، فكما بشر الملاك العذراء مريم والروح القدس حل عليها، كذلك امتلأت أليصابات من الروح القدس وقالت للسيدة العذراء "مباركة أنت فى النساء ومباركة هى ثمرة بطنك . فمن أين لى هذا أن تأتى أم ربى إلىَّ" ( لو1: 42- 43 ) . وكذلك امتلأ زكريا من الروح القدس عند ميلاد يوحنا المعمدان، وفتح فمه وقال "مبارك الرب إله إسرائيل لأنه افتقد وصنع فداءً لشعبه . وأقام لنا قرن خلاص فى بيت داود فتاه" ( لو1: 68- 69 ) . فالروح القدس كان يعمل فى أشخاص كثيرين وقت أحداث الميلاد، قبله وخلاله وبعده . إن حدث ميلاد السيد المسيح، ومجيئه إلى العالم، هو بداية تحقيق وعد الله لخلاص البشرية . فقال زكريا أبو يوحنا المعمدان "مبارك الرب إله إسرائيل لأنه افتقد وصنع فداء لشعبه" ( لو1: 68 ) لأن الله قد تذكر وعده المقدس، لذلك فإن كلمة زكريا تعنى "الله تذكّر"، واسم يوحنا يعنى "الله تحنن" واسم يسوع يعنى "الله يخلص" . أى أن الله قد تذكّر .. الله قد تحنن .. الله قد خلّص . فعندما قال زكريا "مبارك الرب إله إسرائيل لأنه افتقد وصنع فداء لشعبه" ( لو1: 68 ) . أكمل وقال "ليصنع رحمة مع آبائنا ويذكر عهده المقدس" ( لو1: 72 ) . إن الله لم ينس وعده، لكنه كان ينتظر الوقت المناسب . وذلك بعد أن يكون قد أعد كل شئ . وقد كُتبت نبوات كثيرة فى الكتب المقدسة تمهد لمجيء المخلّص، ورموز كثيرة . لأن تجسد كلمة الله، أو ظهور الله الكلمة فى الجسد، لم يكن شيئاً بسيطاً لكى يقدر الإنسان أن يفهمه، أو أن يستوعبه . فكان لابد أن يمهد الله برموز وأحداث كثيرة . كما أنه كما ينبغى أن ينتظر حتى يجد الإنسانة المباركة جداً التى تستحق أن تكون والدة الإله وهى القديسة العذراء مريم . ولأسباب كثيرة انتظرت البشرية عدة آلاف من السنين حتى أتم الله وعده . يقول الكتاب "القسم الذى حلف لإبراهيم أبينا" ( لو1: 73 ) . فالقسم قد أعطاه الله لإبراهيم؛ فكان لابد أن ينتظر حتى يأتى إبراهيم، وعندما أتى إبراهيم . كان قد مر عدة آلاف من السنين . فهذا يوضح أنه كان لابد من حدوث بعض المراحل لكى عندما يتم الخلاص، يكون إتمام الخلاص هو تحقيق لوعود قالها الله، ونبوات كتبها الأنبياء القديسون، وسجلوها فى كتب العهد القديم . إن الروح القدس كان يعمل فى شخصيات كثيرة . ومن بين هذه الشخصيات الرعاة الساهرون على حراسة رعيتهم . ولكن ليس فقط لأنهم كانوا ساهرين، ولكن يوجد أسباب أخرى .. فزكريا أبو يوحنا المعمدان عندما تكلم عن ما ذكرته الكتب المقدسة قال "كما تكلم بفم أنبيائه القديسين الذين هم منذ الدهر . خلاص من أعدائنا ومن أيدى جميع مبغضينا . ليصنع رحمة مع آبائنا ويذكر عهده المقدس . القسم الذى حلف لإبراهيم أبينا" ( لو1: 70-73 ) . أى أنه كان شخصاً يعيش ويدرس نبوات الأنبياء التى تتحدث عن مجيء المخلّص . وأيضاً الأرملة القديسة التى عاشت فى الهيكل أربع وثمانين سنة، وذلك بعد ترملها بسبعة سنين من زواجها . فهذه الأرملة كانت خلال هذه الأربع والثمانين سنة لا تفارق الهيكل . وكما يقول الكتاب "وهى أرملة نحو أربع وثمانين سنة لا تفارق الهيكل عابدة بأصوام وطلبات ليلاً ونهاراً" ( لو2: 37 ) . فقد ظلت أربع وثمانين سنة لا تفارق الهيكل . وذلك فى المكان المخصص للنساء، وليس فى الأماكن الخاصة بالكهنة . وقد كانت أثناء هذه السنين تدرس، وتستمع إلى الصلوات اليومية، والقراءات المقدسة، وتقرأ فى الأسفار المقدسة . أى أنها كانت متفرغة للعبادة أربع وثمانين سنة . لذلك عمل الروح القدس فى داخلها، فى نفس الوقت الذى كانت تعيش فيه كل هذه المعانى التى تتكلم عن مجيء المخلص، وميلاد السيد المسيح . إن الحدث الذى رأته بعينها قد عاشته بقلبها . أى إنها قد رأته بعينى قلبها قبل أن تراه بعينيها الطبيعية . فتقابل الإحساس الذى عاشته فى داخلها مع المنظر الذى رأته بعينيها . وعندما يتقابل شيئان يسرى التيار . مثلما يحدث عند غلق الدائرة الكهربية يصير من الممكن أن يسرى التيار . فالروح هو الذى تكلم على لسانها بدون أن يعلمها أحد .
الرعاة كانوا ينتظرون الخلاص إن هؤلاء الرعاة كانوا ينقادون بالروح القدس، فما الذى كان من الممكن أن يتحدثوا فيه أثناء سهرهم ليلاً ؟ من المؤكد أنهم كانوا يتحدثون فى النبوات وفى الأسفار المقدسة . فمثلاً من الممكن أن يقولوا إنهم يرعون الأغنام التى تقدم منها ذبائح كثيرة فى الهيكل، وهذه الذبائح ترمز إلى الخلاص الذى وعد به الله . لكن متى سيأتى المخلص ؟ ! يقول الكتاب إن حنّة بنت فنوئيل تكلمت عنه مع جميع المنتظرين فداءً فى أورشليم . إن الله يعلن لمن ينتظره، ولكن الذى لا يهمه لماذا يعلن له ؟ ! فهؤلاء الرعاة كانوا ينتظرون مجيء المخلّص لذلك يقول الكتاب "وكان فى تلك الكورة رعاة متبدين يحرسون حراسات الليل على رعيتهم" ( لو2: 8 ) . وبالأخص أنهم كانوا فى بيت لحم اليهودية مدينة داود، ومن المعروف أن المسيح هو من نسل داود حسب الجسد، لذلك فهؤلاء الناس كانت المزامير هى تسليتهم . إن التسبحة التى نقولها فى كل ليلة فى الكنيسة مليئة فى أجزاء كثيرة بالمزامير والتسابيح والنبوات التى تتحدث عن الخلاص، وعن عمل الله فى حياة البشر . والتسبحة نفسها غير المزامير بها أجزاء من الأسفار المقدسة . فمثلاً الهوس الأول تسبحة موسى النبى وأخته مريم النبية مع شعب إسرائيل عند عبور البحر الأحمر . وقد كانت رمزاً للخلاص، ورمزاً للمعمودية . إن الرعاة بكل تأكيد كانوا يسبحون، لذلك عندما كانت هناك تسبحة على الأرض، كان هناك تسبيحاً فى السماء فيقول الكتاب "وظهر بغتة مع الملاك جمهور من الجند السماوى مسبحين الله وقائلين : المجد لله فى الأعالى وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة" ( لو2: 13-14 ) . إن كلمة "بالناس المسرة" معناها باللغة اليونانية "المسرة فى قلوب الناس الصالحين" . فالملائكة فرحوا بما حدث فى قلب الرعاة عندما سمعوا بشرى الخلاص . والمسيح هو رئيس السلام، وهو صانع السلام . لأنه هو الذى سيصالح الله مع البشر، ويصالح الإنسان مع أخيه الإنسان، ويصالح الإنسان مع نفسه . وكذلك هو الذى قال "طوبى لصانعى السلام لأنهم أبناء الله يدعون" ( مت5: 9 ) . إن الرعاة كانوا يسبحون ويتأملون ويصلون، لذلك ظهر لهم الملائكة . فمن يريد أن يحيا مع الملائكة حياة الصداقة والعشرة الحقيقية، يجب أن تمتلئ حياته بالصلاة، والتسبيح، والتأمل فى الأسفار المقدسة . يقول سفر أشعياء "ظلم أما هو فتذلل ولم يفتح فاه كشاة تساق إلى الذبح وكنعجة صامتة أمام جازيها فلم يفتح فاه" ( أش53: 7 ) . ولذلك نقول فى القداس الغريغورى }أتيت إلى الذبح مثل حمل حتى إلى الصليب{ ويقول الكتاب أيضاً "أما الرب فسُرَّ بأن يسحقه بالحزن ان جعل نفسه ذبيحة إثم يرى نسلاً تطول أيامه ومسرة الرب بيده تنجح" ( أش53: 10 ) . وأيضاً "حمل خطية كثيرين وشفع فى المذنبين" ( أش53: 12 ) .. "وهو مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا تأديب سلامنا عليه وبحبره شفينا" ( أش53: 5 ) . فالرعاة كانوا قد قرأوا هذا الكلام ويرددونه . وكانوا يسألون الرب متى سيرسل الحمل الحقيقى الذى يحمل خطايا العالم كله ؟
أهمية السهر الروحى إن هذه القلوب الساهرة المنتظرة المترقبة عمل الله؛ هى التى سيرسل الله إليها ملائكته . فالله لم يرسل ملائكته إلى الأشخاص المترفهين أو المتنعمين . بل أرسل إلى أناس يجلسون فى العراء، وهم ساهرين على رعاية أغنامهم . وهذه هى أهمية السهر فى الحياة الروحية، وأهمية السهر فى الصلاة، وأهمية السهر فى الكنيسة والتسبيح . إن هؤلاء كانوا رعاة للأغنام . والله كان يريد أن يرى رعاة للشعب . ويرى رعاية حقيقية . فيقول بفم نبيه حزقيال "يا ابن آدم تنبأ على رعاة إسرائيل، تنبأ وقل لهم هكذا قال السيد الرب للرعاة : ويل لرعاة إسرائيل الذين كانوا يرعون أنفسهم . ألا يرعى الرعاة الغنم ؟ ! تأكلون الشحم وتلبسون الصوف وتذبحون السمين ولا ترعون الغنم . المريض لم تقووه والمجروح لم تعصبوه والمكسور لم تجبروه والمطرود لم تستردوه والضال لم تطلبوه بل بشدة وبعنف تسلطتم عليهم . فتشت بلا راعٍ وصارت مأكلاً لجميع وحوش الحقل وتشت . ضلّت غنمى فى كل الجبال وعلى كل تلٍ عالٍ وعلى كل وجه الأرض تشت غنمى ولم يكن من يسأل أو يفتش" ( حز34: 2-6 ) . فالله كان حزيناً أن رعاة بنى إسرائيل كانوا قد أهملوا الغنم، وأهملوا الرعاية، وبحثوا عن ملذاتهم الشخصية، وظلموا الخراف . لذلك قال بطرس الرسول للرعاة "ولا كمن يسود على الأنصبة بل صائرين أمثلة للرعية" ( 1بط5: 3 ) .
انا ارعى غنمى واربضها يقول السيد الرب
يقول الرب للرعاة "هكذا قال السيد الرب هأنذا على الرعاة وأطلب غنمى من يدهم وأكفهم عن رعى الغنم
لا يرعى الرعاة أنفسهم بعد فأخلص غنمى من أفواههم فلا تكون لهم مأكلاً . لأنه هكذا قال السيد الرب هأنذا أسأل عن غنمى وأفتقدها . كما يفتقد الراعى قطيعه يوم يكون فى وسط غنمه المشتتة هكذا أفتقد غنمى وأخلصها من جميع الأماكن التى تشت إليها فى يوم الغيم والضباب .. أنا أرعى غنمى وأربضها يقول السيد الرب" ( حز34: 10-15 ) . إذن الرب هو الراعى الحقيقى وقال السيد المسيح "أنا هو الراعى الصالح والراعى الصالح يبذل نفسه عن الخراف" ( يو10: 11 ) . فقد جاء السيد المسيح لكى يشفى الجراح، ويقيم البشرية من سقطتها . ويعيد آدم إلى الفردوس مرة أخرى . ولكن ذلك لمن يقبل محبته، ويقبل خلاصه . كما هو مكتوب "وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله أى المؤمنون باسمه" ( يو1: 12 ) . وهنا يظهر العلاقة الوثيقة بين ليلة ميلاد السيد المسيح، وبين إعلان الرب عن نفسه أنا هو الراعى . وذلك سواء فى العهد القديم عندما قال "أنا أرعى غنمى وأربضها يقول السيد الرب" ( حز34: 15 ) ، أو كلام السيد المسيح عندما بدأ خدمته الخلاصية وعندما بدأ يتكلم عن نفسه باعتباره أنه هو الراعى الصالح وقال "وأنا أضع نفسى عن الخراف" ( يو10: 15 ) .
الأدلة أن الرعاة كانوا مرشدين من الروح القدس ومن الأدلة أن هؤلاء الرعاة كانوا مرشدين من الروح القدس؛ إنهم استجابوا لإعلان الملاك عندما قال "لا تخافوا فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب، أنه ولد لكم اليوم فى مدينة داود مخلص هو المسيح الرب" ( لو2: 10-11 ) . أى أن الذى تنتظرونه قد حدث فاذهبوا وانظروا بأنفسكم "وهذه لكم العلامة تجدون طفلاً مقمطاً مضجعاً فى مذود" ( لو2: 12 ) . فهل من الممكن أن يوضع طفل فى مذود للغنم ؟ ! إن المذود هو المكان الذى يوضع فيه أكل الأغنام . فلماذا يوضع الطفل فى المذود ؟ ! لقد وضع فى المذود لأنه لم تجد العذراء مريم مكان فى البيت . فعندما ذهبت مع يوسف إلى بيت لحم لكى تكتتب يقول الكتاب "وبينما هما هناك تمت أيامها لتلد . فولدت ابنها البكر وقمطته وأضجعته فى المذود إذ لم يكن لهما موضع فى المنزل" ( لو2: 6-7 ) . إن الله لم يجد له مكاناً فى قلوب البشر، فولد فى وسط الأغنام لكى يقول للبشر أنتم الذين رفضتمونى فى حياتكم من الممكن أن الحيوانات تكون أكثر قبولاً لى إذا جلست فى وسطهم . لكن أنا قد جئت لتحويل حياتكم من حيوانات إلى بشر لأن الإنسان قد خلق على صورة الله، فأنا أريد أن أحول هذه الحظيرة إلى كنيسة فى العهد الجديد . وبالفعل فإن كنيسة بيت لحم قد بُنيت فى مكان المذود الذى ولد فيه السيد المسيح وأصبحت كنيسة عظيمة ضخمة فى بيت لحم اسمها كنيسة المهد . فلم تعد حظيرة للخراف غير الناطقة لكن أصبحت حظيرة للخراف الناطقة أى البشر من شعب الله . "ولما مضت عنهم الملائكة إلى السماء قال الرجال الرعاة بعضهم لبعض لنذهب الآن إلى بيت لحم وننظر هذا الأمر الواقع الذى أعلمنا به الرب . فجاءوا مسرعين ووجدوا مريم ويوسف والطفل مضجعاً فى المذود" ( لو2: 15-16 ) . فكيف عرف الرعاة فى أى حظيرة وُلد السيد المسيح ؟ ! إنبيت لحم كلها هى مدينة الأغنام، فقد كان كل عمل داود هو رعاية الغنم فكيف عرفوا أين هى الحظيرة إن كان لم يظهر لهم نجم، أو ذهب معهم ملاك ؟ ! إن المجوس قد احتاجوا للنجم لكى يرشدهم إلى مكان وجود الطفل يسوع، وكان ذلك بعد فترة من ميلاد السيد المسيح، بدليل أن هيرودس عندما حسب المدة وتحقق زمان النجم الذى ظهر حسب المدة من ساعة ظهور النجم حتى ذهاب المجوس فوجد هذه المدة حوالى سنتين فأرسل وذبح كل الأطفال من سن سنتين فما دون . فالمجوس لم يأتوا فى ليلة ميلاد السيد المسيح . ولكن فى بعض صور الميلاد يضعوا المجوس بها . لكن هذا ليس أكثر من تجميع لأحداث الميلاد فى صورة واحدة، وفى بعض الأحيان يقوم البعض بعمل مذود به تماثيل فى ليلة عيد الميلاد وذلك من أجل فرحة الأطفال الصغار، ولكن يجب أن يوضع هذا المذود خارج الكنيسة لأن الكنيسة القبطية لا يجب أن يدخلها أى تماثيل بل أيقونات فقط بما فى ذلك مغارة الميلاد التى تُعمل من أجل الأطفال . ولكن الرعاة ذهبوا فى نفس ليلة ميلاده، فكيف عرفوا مكان الحظيرة ؟ ! لقد عرفوا لأن الروح القدس كان يرشدهم "فجاءوا مسرعين ووجدوا مريم ويوسف والطفل مضجعاً فى المذود . فلما رأوه أخبروا بالكلام الذى قيل لهم عن هذا الصبى" ( لو2: 16-17 ) .
ولى خراف أخر ليست من هذه الحظيرة وكما أعلن الله عن ميلاد ابنه الوحيد للرعاة الذين يمثلون الشخصيات التى كان من الممكن أن يتعامل معها الله نظراً لأمانتهم فى وسط شعب إسرائيل المنتظر الخلاص . أيضاً بدأ الله يتعامل مع الأمم، إذ قال السيد المسيح "ولى خراف أخر ليست من هذه الحظيرة ينبغى أن آتى بتلك أيضاً فتسمع صوتى وتكون رعية واحدة وراعٍ واحد" ( يو10: 16 ) . فهنا يتكلم عن نفسه أنه هو الراعى الصالح . والمقصود هنا بالخراف الأُخر الأمم وليس اليهود، ولا نسل يعقوب أبو الأسباط الاثنى عشر، ولا نسل اسحق، ولا نسل إبراهيم، لكن الأمم . وكما قال سمعان الشيخ "نور إعلان للأمم ومجداً لشعبك إسرائيل" ( لو2: 32 ) . فليس الخلاص الذى أتى الله لكى يعلنه مسألة تخص شعب إسرائيل فقط . وإن كان قد قال "لأن الخلاص هو من اليهود" ( يو4: 22 ) لكن المقصود فى هذه العبارة الأخيرة أن الله كان قد وعد إبراهيم أن بنسله تتبارك جميع قبائل الأرض . فالسيد المسيح من نسل إبراهيم . لكن البركة لجميع قبائل الأرض . وفى سفر أشعياء "أنا الرب قد دعوتك بالبر فأمسك بيدك وأحفظك وأجعلك عهداً للشعب ونوراً للأمم . لتفتح عيون العمى لتخرج من الحبس المأسورين من بيت السجن الجالسين فى الظلمة" ( أش42: 6-7 ) .
نوراً تجلى للأمم إن السيد المسيح فى نظر الآب هو الابن الوحيد الذى سُرّت به نفسه وكما يقول الكتاب "هوذا فتاى الذى اخترته حبيبى الذى سُرّت به نفسى . أضع روحى عليه فيخبر الأمم بالحق" ( مت12: 18 ) . وأيضاً فى سفر الأعمال قال "ولتُجرَ آيات وعجائب باسم فتاك القدوس يسوع" ( أع4: 30 ) . فكلمة "نوراً للأمم" تعنى أن الخلاص ليس لشعب إسرائيل فقط، وإن كان الله قد ذكر هذا الكلام فى العهد القديم . وكان اليهود يعتبرون أنفسهم أنهم شعب الله الخاص . والله نفسه كان يتحدث إليهم باعتبارهم شعبه الخاص . ويقول الكتاب "والآن هكذا يقول الرب خالقك يا يعقوب وجابلك يا إسرائيل لا تخف لأنى فديتك، دعوتك باسمك، أنت لى . إذا اجتزت فى المياه فأنا معك، وفى الأنهار فلا تغمرك . إذا مشيت فى النار فلا تلذع واللهيب لا يحرقك . لأنى أنا الرب إلهك قدوس إسرائيل مخلصك" ( أش43: 1-3 ) . فكان الكلام موجهاً لإسرائيل . لكن فى خلال كلامه فى الإصحاح السابق بنفس السفر يقول "نوراً للأمم" . وكذلك عند حمل سمعان الشيخ السيد المسيح قال "نوراً تجلى للأمم ومجداً لشعبك إسرائيل" ( لو2: 32 ) . فمن الواضح أن الله له قصد فى أن يدعو الأمم إلى ميراث الحياة الأبدية، وإلى أن يكونوا رعية مع شعب إسرائيل الذى يقبل ويؤمن بمسيحه . فتكون رعية واحدة لراعٍ واحد .
تعامل الله مع الأمم لقد بدأ الله يتعامل مع الأمم فى وقت ميلاد السيد المسيح بطريقة لطيفة جداً . فقد كان يوجد أشخاص حكماء فى بلاد المشرق أى ناحية فارس، ويسمون المجوس . وهم حكماء المملكة . وكان عملهم رؤية الأفلاك، وحساب الأزمنة .. وكان بعضهم يعمل فى التنجيم . فعندما أُخذ شعب إسرائيل إلى السبى من مملكة بابل، وأصبحوا تحت حكم مملكة فارس، كان دانيال النبى موجوداً فى البلاد فى ذلك الوقت . وقد اختاره الملك لأنه وجد فيه "روح الآلهة القدوسين" على حسب قوله، والمقصود روح الله . وعيَّنه كبيراً للمجوس أى كبيراً للحكماء . وفى هذه الأيام كتب دانيال النبى السفر وبه نبوات كثيرة عن السيد المسيح . مثل النبوة التى قال فيها "سبعون أسبوعاً قضيت على شعبك وعلى مدينتك المقدسة لتكميل المعصية وتتميم الخطايا ولكفارة الإثم وليؤتى بالبر الأبدى ولختم الرؤيا والنبوة ولمسح قدوس القدوسين" ( دا9: 24 ) .
المجوس يترقبون مجيء المخلص إن النبوات التى فى سفر دانيال كانت تتكلم عن ميعاد ميلاد السيد المسيح . فيقول سبعون أسبوعاً أى 490 سنة ونطرح منها أسبوع فيكون 483 سنة والسيد المسيح كان يجب أن يبدأ خدمته الكهنوتية وعمره 30 سنه وذلك حسب الشريعة، وبهذه الطريقة يمكن حساب ميعاد ميلاد السيد المسيح . والمجوس حسب النبوات كانوا يترقبون ظهور علامة لهم . لذلك ظهر لهم ملاك فى صورة نجم . أى كائن سماوى كان يتحرك وغير ثابت . فإن كان هذا نجماً عادياً فى السماء، سيكون بعيداً جداً وكان غير ممكن أن يحدد المكان بالتحديد . ولكن هذا النجم جاء ونزل فوق حيث كان الصبى . لقد كان هذا ملاكاً وليس نجماً عادياً . ولكن لأنهم يرصدون حركة النجوم، فقد رأوا هذا النجم أنه نجم غريب . ورأوا علامات مميزة ففهموا أنه نجم لملك عظيم، أو أنه ملك كبير فى الأرض . وبالنسبة للنبوة التى كانت عندهم فى سفر دانيال . فإن دانيال النبى كان كبيراً للمجوس . أى أن المجوس كانوا تلاميذاً له ومع تسلسل الأجيال . وعندما رأوا المنظر بدأوا يفهمون . إن الروح القدس كان لا يعمل فى المجوس بنفس الصورة التى كان يعمل بها مع الرعاة ولكن ليس معنى هذا أنه لا يعمل نهائياً . ولكنه كان يتدرج معهم وذلك من خلال الأمور التى كانوا يستطيعون فهمها . فبالنسبة لهم كان سفر دانيال مثل أسفار الحكمة، أى أحكم الحكماء . فعندما نتذكر قصة نبوخذ نصر الملك عندما أخبره دانيال النبى بالحلم، وفسّر له الحلم وعيّنه كبيراً للمجوس فكل هذه الأمور تجعلهم يثقون فى نبوات دانيال النبى . إن الله كان يتعامل مع المجوس على حسب تفكيرهم . لذلك ظهر لهم الملاك على هيئة نجم وعندما قادهم إلى بلاد اليهودية، ذهبوا إلى العاصمة أورشليم وإذا النجم قد اختفى . وهنا بدأوا يسألون الناس، وذهبوا إلى هيرودس الملك يسألون أين هو المولود ملك اليهود فإننا رأينا نجمه فى المشرق وأتينا لنسجد له . وبدأ هيرودس الملك يضطرب وأرسل لإحضار رؤساء الكهنة ليسألهم أين يولد المسيح "فقالوا له فى بيت لحم اليهودية لأنه هكذا مكتوب بالنبى وأنت يا بيت لحم أرض يهوذا لست الصغرى بين رؤساء يهوذا لأن منك يخرج مدبر يرعى شعبى إسرائيل" ( مت2: 5-6 ) .
واضطرب هيرودس وقرر أن يقتل هذا الطفل المولود الذى سوف يأخذ الملك منه وذلك حسب نظرته للعالم . ولكن السيد المسيح قال "مملكتى ليست من هذا العالم" ( يو18: 36 ) . فعندما خرج المجوس من عند الملك ظهر لهم النجم مرة أخرى . وهنا بدأ الإعلان السماوى يرجع إلى قيادتهم مرة أخرى . وعندما وصلوا إلى البيت نزل النجم الذى كان يقودهم ثم اقترب من البيت . فعرفوا أن المولود هو ملك اليهود أو ملك ملوك الأرض أو ملك الملوك ورب الأرباب فى السموات وما على الأرض حسب تفسير حلم الملك نبوخذ نصر الذى فسّره له دانيال النبى وكتبه فى السفر المعروف باسمه .
الروح القدس يرشد المجوس إلى أنواع الهدايا عندما بدأ المجوس يستعدون لرحلتهم اختاروا بعض الهدايا لكى يقدموها للملك المولود فاختاروا ثلاث هدايا وهى : ذهب ولبان ومر . فالمر له مذاق مر، ولكن رائحته عطرية . واعتبروا أن هذه أنواع من الهدايا التى أحياناً تقدم لبعض الناس فى بعض المناسبات . ولكن بالنسبة للسيد المسيح كان لها مدلول عقائدى، ومدلول لاهوتى، ومدلول روحى، ومدلول نبوى . فمن الواضح أن الروح القدس هو الذى أرشد المجوس إلى اختيار هذه الهدايا . ونلاحظ فى صورة الميلاد أنها تكون بها ثلاثة من المجوس فقط . لكن من الممكن أن يكونوا أكثر من ثلاثة أشخاص لأن الكتاب لم يذكر أنهم ثلاثة مجوس . ولكن الهدايا فقط هى التى ثلاثة . فهم مجموعة من الحكماء أتت من بلاد فارس من رحلة طويلة . ولكن الذين قدموا الهدايا هم ثلاثة أشخاص .
لماذا ثلاث هدايا ؟
إن اختيار عدد الهدايا ثلاثة هى إشارة إلى أن هذا المولود واحد من الأقانيم الثلاثة التى لإله واحد فى الجوهر مثلث الأقانيم . فعدد الهدايا رمز وإشارة إلى السيد المسيح، ونوع الهدايا ذهب يرمز إلى أن السيد المسيح هو ملك، واللبان يرمز إلى إن السيد المسيح هو كاهن، والمر يرمز إلى أن السيد المسيح سوف يتألم من أجل خلاص العالم . فهو ملك وكاهن ونبى ولكن ليس نبى مثل باقى الأنبياء الذين سبقوه . ولكن هو رب الأنبياء . فهو ظهر فى الهيئة كإنسان، ولكن فى نفس الوقت هو ملك الملوك ورب الأرباب فإذا تكلمنا عنه كملك فهو ليس ملكاً عادياً . ولكنه ملك الملوك ورب الأرباب . وإذا قيل عنه نشيد فلا يقال نشيد عادى، بل يقال نشيد الأناشيد . وإذا كان هو كاهن فهو رئيس الكهنة الأعظم . الذى كهنوته كهنوت أبدى لا يزول . وإذا كنا نتكلم عنه كنبى فهو ليس مجرد نبى عادى . فمثلاً تنبأ عن موته, وعن خراب أورشليم، وعن قيامته فى اليوم الثالث . وقد تحققت كل هذه النبوات فى حينها . وتنبأ أيضاً عن نهاية العالم . وسيتم ذلك لأن السيد المسيح هو الذى تنبأ بها . وأهم نبوة قيلت "ها نحن صاعدون إلى أورشليم وابن الإنسان يسلم إلى رؤساء الكهنة والكتبة فيحكمون عليه بالموت ويسلمونه إلى الأمم . فيهزأون به ويجلدونه ويتفلون عليه ويقتلونه وفى اليوم الثالث يقوم" ( مر10: 33-34 ) . وكانت هذه هى أهم نبوة قالها السيد المسيح . وهذه النبوة كانت عن آلامه لذلك ارتبط المر بمعنى النبوة عند السيد المسيح أى أن المر إشارة إلى أنه نبى . أو أنه قد تنبأ عن موته وعن آلامه الخلاصية . فاللبان يرمز إلى الكهنوت لأن الكاهن يقدم ذبيحة البخور . وحتى عند الوثنيين فهم يبخرون للأوثان . لذلك فإن مسألة التبخير وارتباطها بالكهنوت، مسألة معروفة من العهد القديم عند شعوب كثيرة . ولكن عندنا نحن لها مدلول روحى خاص . بل إن السيد المسيح نفسه كان رائحة بخور عطرة ونقول عنه أيضاً }هذا الذى أصعد ذاته ذبيحة مقبولة عن خلاص جنسنا فاشتمه أبوه الصالح وقت المساء على الجلجثة{ ( لحن "فى إيتاف إنف vaietafenf" الذى يقال يوم الجمعة العظيمة ويقال بلحن آخر فى تسبحة يوم الأحد ) . فالسيد المسيح أصعد ذاته رائحة رضا وسرور لله الآب فى طاعة كاملة . وفى سيرته العطرة كرئيس كهنة قدم الذبيحة المقبولة التى قبلها الآب السماوى، وبها كفَّر عن كل خطايا البشرية لكل الذين يؤمنون باسمه ويؤمنون بخلاصه ويقبلون أن يتشبهوا بموته وقيامته عندما يدفنون فى المعمودية مع المسيح ويقومون فيها أيضاً معه . إن السيد المسيح عندما يتكلم من حيث إنه قد تنبأ فلابد أن نتذكر أنه ليس مجرد نبى، ولكنه الله الكلمة المتجسد، وهو ابن الله الوحيد . لكن من الطبيعى إذ ظهر فى الهيئة كإنسان أن يقول بعض الأمور التى تنبأ بها . وحينما تحدث نتأكد أنه كان يتكلم كلام الله . وليس مجرد كلاماً عادياً مثل أى إنسان عادى . فقد كانت نبوته عن موته على الصليب وقيامته من بين الأموات شيئاً هاماً جداً بالنسبة للكنيسة لهذا فحينما ظهر السيد المسيح بعد القيامة قال لتلاميذه "أما كان ينبغى أن المسيح يتألم بهذا ويدخل إلى مجده" ( لو24: 26 ) .
كيف تعامل الروح القدس مع المجوس ؟ إن الروح القدس قد تدرج مع المجوس . ففى البداية أرشدهم إلى اختيار أنواع الهدايا التى يقدمونها ثم ظهر لهم نجم لكى يرشدهم إلى الطريق . ولكن بعد أن سجدوا للسيد المسيح الإله الكلمة ومخلّص العالم . بدأت علاقة الله معهم تكون أقوى من الأول، وبدأ الله يتعامل معهم بإعلانات سماوية واضحة فيقول الكتاب "ثم إذ أوحى إليهم فى حلم أن لا يرجعوا إلى هيرودس انصرفوا فى طريق أخرى إلى كورتهم" ( مت2: 12 ) . وذلك لأن هيرودس كان يريد قتل الطفل، ولكن الله أوحى إليهم أن ينصرفوا فى طريق آخر . وبذلك نرى الروح القدس قد بدأ يعمل فى حياتهم بصورة أقوى عن طريق الوحى . وهذا معناه أن الله يدعو الأمم إلى معرفته عن طريق مجيء السيد المسيح إلى العالم . ولإلهنا المجد الدائم إلى الأبد آمين .
اذكرونى فى صلواتكم
| |
|
ادارة المنتدي ادارة المنتدي مسئول التصميمات
رقم العضو : 1 الجنس : تاريخ التسجيل : 02/10/2010 تاريخ الميلاد : 11/09/1992 عدد المساهمات : 804 نقاط : 5166495 السٌّمعَة : 16 العمر : 32
| موضوع: سلسلة محاضرات تبسيط الايمان للانبا بيشوى ( 3 ) الأحد 10 أبريل 2011 - 5:04 | |
| سلسلة محاضرات تبسيط الإيمان الأنبا بيشوى 3- مكانة الكتاب المقدس واستحالة تحريفه
الكتاب المقدس كتاب واحد إن الكتاب المقدس بجزئيه العهد القديم والعهد الجديد هو كتاب واحد . فلا يمكن أن نفصل كلام الله حتى وإن كان مقسماً إلى أسفار، والأسفار مقسمة إلى إصحاحات . ونتكلم عن العهد القديم والعهد الجديد .
إن وحدة الكتاب المقدس يستطيع أن يشعر بها كل إنسان تعمل نعمة الله فى حياته، ويعمل الروح القدس فى قلبه . وقد قال القديس بولس الرسول "كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب الذى فى البر لكى يكون إنسان الله كاملاً متأهباً لكل عمل صالح" ( 2تى3: 16، 17 ) . إن عبارة "كل الكتاب هو موحى به من الله" تؤكد وحدة أسفار الكتاب المقدس . وكذلك قال معلمنا بطرس الرسول "عالمين هذا أولاً أن كل نبوة الكتاب ليست من تفسير خاص . لأنه لم تأتِ نبوة قط بمشيئة إنسان بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس" ( 2بط1: 20-21 ) . إن الكتاب المقدس يمثل ذخيرة أو كنزاً، وأمانة قد تسلمناها لابد أن نحافظ عليها . فكيف نجعل الكتاب المقدس يعيش فى داخلنا، وكيف نحافظ عليه كوديعة مقدسة تسلمناها ؟
الكتاب المقدس هو سر قوة المسيحية
قال القديس بولس الرسول "فلا تخجل بشهادة ربنا ولا بى أنا أسيره بل اشترك فى احتمال المشقات لأجل الإنجيل بحسب قوة الله الذى خلصنا ودعانا دعوة مقدسة لا بمقتضى أعمالنا بل بمقتضى القصد والنعمة التى أعطيت لنا فى المسيح يسوع قبل الأزمنة الأزلية وإنما أظهرت الآن بظهور مخلصنا يسوع المسيح الذى أبطل الموت وأنار الحياة والخلود بواسطة الإنجيل" ( 2تى1: 8-10 ) . فكما أن السيد المسيح قد داس الموت بالموت، وانتصر عليه وقام من بين الأموات . فقد أرسل تلاميذه إلى العالم لكى يبشروا بالقيامة . وهذا هو سر قوة المسيحية لذلك يقول "الذى أبطل الموت وأنار الحياة والخلود بواسطة الإنجيل" . ويقول معلمنا بولس الرسول "الذى جُعِلت أنا له كارزاً ورسولاً ومعلماً للأمم . لهذا السبب أحتمل هذه الأمور أيضاً لكننى لست أخجل لأننى عالم بمن آمنت وموقن أنه قادر أن يحفظ وديعتى إلى ذلك اليوم" ( 2تى1: 11-12 ) . فهو يقول إذا وضعت فى السجن لا أخجل لأننى عالم بمن آمنت وأيضاً يقول "ونحن نعلم أن كل الأشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله الذين هم مدعوون حسب قصده" ( رو8: 28 ) .
كلمة الله لا تقيد وكذلك وهو فى السجن يقول "إن أمورى قد آلت إلى تقدم الإنجيل حتى أن وثقى صارت ظاهرة فى المسيح فى كل دار الولاية وفى باقى الأماكن أجمع" ( فى1: 12، 13 ) . أى أنه عندما وضعونى فى السجن، وذهبوا بى إلى دار الولاية كانت هذه فرصة أن يسمع جميع الشعب الذى فى دار الولاية أخبار الإنجيل . وبذلك تقدم الإنجيل ولم يتأخر . فمن الممكن أن بولس الرسول يُسجن ويُقيد . ولكن كلمة الله لا تُسجن أو تُقيد، ويقول لتلميذه تيموثاوس "تمسك بصورة الكلام الصحيح الذى سمعته منى فى الإيمان والمحبة التى فى المسيح يسوع احفظ الوديعة الصالحة بالروح القدس الساكن فينا" ( 2تى1: 13-14 ) . وهنا يطالبنا بولس الرسول . أن نتمسك بصورة الكلام الصحيح فى التعليم، وبحفظ الوديعة الصالحة بالروح القدس الساكن فينا . فهناك وديعة صالحة قد تسلمت على مدى الأجيال من جيل إلى جيل .. من الأنبياء .. من الرسل .. وتسلمت للكنيسة .
الروح القدس حارس للكتاب المقدس إن هناك حارس للكتاب المقدس وهو الروح القدس . فنلاحظ أنه لم يقل "الروح القدس الساكن فيك" بل قال "الروح القدس الساكن فينا" أى أن الروح القدس يعمل فى الجماعة، من أجل حراسة التعليم الصحيح، وحراسة الإنجيل . ولكن هذا يحدث فى جماعة القديسين وليس جماعة الهراطقة . إن ذلك يذكرنا بعهد الله الذى قاله على فم أرميا النبى عن وضع الكتاب المقدس فى العهد الجديد . "ها أيام تأتى يقول الرب وأقطع مع بيت إسرائيل ومع بيت يهوذا عهداً جديداً . ليس كالعهد الذى قطعته مع آبائهم يوم أمسكتهم بيدهم لأخرجهم من أرض مصر حين نقضوا عهدى فرفضتهم يقول الرب . بل هذا هو العهد الذى أقطعه مع بيت إسرائيل بعد تلك الأيام يقول الرب . أجعل شريعتى فى داخلهم وأكتبها على قلوبهم وأكون لهم إلهاً وهم يكونون لى شعباً" ( أر31: 31-33 ) . فالمقصود بالعهد القديم هنا؛ هو موقف الإنسان فى العهد مع الله . وليس كتاب العهد القديم .
أجعل شريعتى فى داخلهم قديماً كانت الشريعة مكتوبة على ألواح من حجارة، وعندما أخذ موسى النبى الوصايا العشرة كانت مكتوبة بإصبع الله على لوحين؛ أربعة على اللوح الأول، وستة على اللوح الثانى . ولكن الله وعد فى هذه المرة بأن تكون مكتوبة على قلوبنا . إن الكتاب المقدس مكتوب على قلوبنا . وقد وعد السيد المسيح وقال "أما المعزى الروح القدس الذى سيرسله الآب باسمى فهو يعلمكم كل شىء ويذكركم بكل ما قلته لكم" ( يو14: 26 ) . وأيضاً "وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية" ( يو16: 13 ) . وقد تحقق هذا الوعد عندما بدأ التلاميذ فى كتابة الأناجيل . فقد تذكروا كلام السيد المسيح . ومثال لذلك عندما كتب معلمنا متى البشير الموعظة على الجبل . فالروح القدس هو الذى أوحى إليه بهذه الكلمات وذكره بها . فعندما نقرأ الكتاب المقدس ونحن مصلون وخاشعون، وفى حالة اتصال حقيقى مع الله . نشعر أن ما نقرأه موجود فى داخلنا، وليس غريباً عنا . كما إننا نعيش فيه، والله ينطق به فى داخلنا بقوة الروح القدس الساكن فينا . لذلك نستطيع أن نميز إن كان ما نقرأه هو كلام الله، أم كلام شخص آخر . ولذلك إذا فُرض أن شخصاً إدّعى أن لديه إنجيلاً، أو سفراً من أسفار الكتاب المقدس، وقال إن هذا السفر ينسب إلى أسفار العهد الجديد أو أسفار العهد القديم . فإذا قرأنا هذا الكتاب بالروح نستطيع أن نكتشف إن كان هذا إنجيلاً حقيقياً أم لا بدون أن نشعر بالاحتياج إلى الدراسة أو التعمق فى التاريخ واللغات والعلوم . إن الصغير مثل الكبير يستطيع أن يميّز كلام الله كما قال الكتاب "ولا يعلِّمون بعد كل واحد صاحبه وكل واحد أخاه قائلين اعرفوا الرب لأنهم كلهم سيعرفوننى من صغيرهم إلى كبيرهم يقول الرب لأنى أصفح عن إثمهم ولا أذكر خطيتهم بعد" ( أر31: 34 ) .
ليس جميع الذين من إسرائيل هم إسرائيليون إن إسرائيل بالمعنى الروحى هو شعب الله، ونحن ككنيسة الذين آمنّا بالسيد المسيح أصبحنا شعب الله، أما إسرائيل من ناحية الجسد فليس لأنهم من نسل إبراهيم واسحق ويعقوب هم إسرائيل . لأن إسرائيل الحقيقى هو الذى يؤمن بصلب وقيامة السيد المسيح من بين الأموات . لذلك يقول الكتاب "لأن ليس جميع الذين من إسرائيل هم إسرائيليون ولا لأنهم من نسل إبراهيم هم جميعاً أولاد . بل بإسحق يدعى لك نسل، أى ليس أولاد الجسد هم أولاد الله بل أولاد الموعد يحسبون نسلاً لأن كلمة الموعد هى هذه؛ أنا آتى نحو هذا الوقت ويكون لسارة ابن" ( رو9: 6-9 ) .
من هم أولاد الموعد ؟
إن الوعد الذى قاله الله لإبراهيم "ويتبارك فى نسلك جميع أمم الأرض" ( تك22: 18 ) المقصود هنا؛ هو شخص الرب يسوع المسيح .. كما قال الرب فى الكتاب المقدس "التفتوا إلىَّ واخلصوا يا جميع أقاصى الأرض" ( أش45: 22 ) .. فالخلاص هو للجميع .. فالإسرائيلى الذى يؤمن بالسيد المسيح يُحسب من شعب الله، أما الإسرئيلى الذى يرفض المسيح لا يُحسب من شعب الله، والأممى الذى يقبل المسيح يُحسب من أولاد الموعد، ويكون هو الإسرائيلى الحقيقى . كيف يعلمنا الروح القدس ما فى الأسفار المقدسة ؟
كان يوجد شابة من أسرة مسيحية . عاشت فى مدينة الإسكندرية فى القرون الأولى للمسيحية . وكانت تدعى مريم، وقد توفى والديها وكان عمرها حوالى اثنتى عشرة سنة، وقد سيطر الشيطان عليها وانحرفت وهى فى مرحلة المراهقة والشباب . وعاشت حياة خطية محزنة جداً . وكان فى أيام الفصح يذهب عدد كبير من المسيحيين إلى القدس لحضور الأسبوع المقدس ( أسبوع الآلام ) وعيد القيامة هناك . وكانوا يأخذون السفن من ميناء الإسكندرية إلى ميناء حيفا، ثم يكملون إلى مدينة أورشليم . فجاءت لمريم فكرة الذهاب لممارسة الخطية فى هذه الأماكن السياحية، وعندما وصلت إلى أورشليم حيث كنيسة القيامة هناك حاولت الدخول ولكنها لم تستطع، وبدأت تبكى لأنها شعرت بغضب الله عليها . وذهبت إلى أيقونة السيدة العذراء وبدأت تبكى . فسمعت صوتاً من الأيقونة يقول لها }إن أردت أن تخلصى فاخرجى إلى البرية{ فذهبت إلى الصحراء المحيطة بنهر الأردن، القريبة من جبل التجربة الذى خرج إليه السيد المسيح بعد عماده من نهر الأردن . وبعد أن عاشت القديسة مريم ما يقرب من خمسين سنة فى البرية، قابلها القديس زوسيما فى الأربعين المقدسة . رآها من بعيد فظن فى البداية أنها خيال، فقالت له لا تقترب لأنى امرأة عارية وكانت الشمس قد لوحت جسمها فاسمر لون جلدها . فطرح لها العباءة الخاصة به، ثم بدأت تتحدث معه، وحكت له قصتها واعترفت بخطاياها . وقد كانت أثناء حديثها معه تتكلم من الكتاب المقدس . فقال لها كيف وأنت فى البرية منذ شبابك المبكر عرفت كل هذه الآيات، وأنا لم أرَ معك أى كتاب ؟ ! فقالت له إن الروح القدس الذى أوحى للأنبياء والرسل ما كتبوه فى الكتاب المقدس هو الذى علمنى ما فى الكتاب المقدس . ثم طلبت منه أن يأتى إليها فى العام القادم عندما يخرج إلى البرية فى الصوم الأربعينى، وأن يحضر معه الجسد المقدس لكى تتناول من الأسرار المقدسة . وفعلاً فى العام التالى ذهب إليها وناولها من الأسرار المقدسة، ثم انفصلت عنه بعض خطوات وبدأت تصلى . وقد وجدها وهى تصلى مرتفعة عن الأرض مسافة حوالى متر . وهذا يعنى أنها قد وصلت إلى درجة روحية عالية جداً . ثم ركعت وأسلمت الروح . فقام بدفن جسدها وكتب سيرتها . وقد دعيت القديسة "مريم المصرية" لأنها كانت من مصر ولكنها لم تعش فى مصر فترة سياحتها فى البرية، بل قضتها فى برارى الأردن . وهذا يوضح لنا أنه لا يجب أن نشعر أن الكتاب المقدس خارج عنا أو غريب عنا . ولا نستطيع أن نقبل أى دعاوى تقول بتحريف الكتاب المقدس .
ما هو الكتاب المقدس ؟
إن الكتاب المقدس هو كلام الله مثال لذلك "كلام أرميا بن حلقيا من الكهنة الذين فى عناثوث فى أرض بنيامين الذى كانت كلمة الرب إليه فى أيام يوشيا بن آمون ملك يهوذا فى السنة الثالثة عشرة من ملكه .. فكانت كلمة الرب إلىَّ قائلاً قبلما صورتك فى البطن عرفتك وقبلما خرجت من الرحم قدستك جعلتك نبياً للشعوب" ( أر1: 1-5 ) . فقد قال له الله "جعلتك نبياً للشعوب" هذه أذهلت النبى فقال "آه يا سيد الرب إنى لا أعرف أن أتكلم لأنى ولد فقال الرب لى لا تقل إنى ولد لأنك إلى كل من أرسلك إليه تذهب وتتكلم بكل ما آمرك به . لا تخف من وجوههم لأنى أنا معك لأنقذك يقول الرب . ومد الرب يده ولمس فمى وقال الرب لى ها قد جعلت كلامى فى فمك" ( أر1: 6-9 ) جعلت كلامى فى فمك بمعنى أن ما سيقوله أرميا هو كلام الرب .. "انظر قد وكَّلتك هذا اليوم على الشعوب وعلى الممالك لتقلع وتهدم وتهلك وتنقض وتبنى وتغرس" ( أر1: 10 ) لا يهدم ويهلك ويبنى ويغرس أرميا النبى بيده، بل يفعل هذا بالكلمة التى يقولها . فإذا قال ستنهدم المدينة، تنهدم بالفعل . وإذا قال سيذهب هذا الشعب للسبى، يذهب الشعب للسبى .. فالكلمة تخرج من فمه وكأنه يأمر المدينة بالانهدام أو يأمر الشعب بالذهاب إلى السبى .. "ثم صارت كلمة الرب إلىَّ قائلاً ماذا أنت راءٍ يا أرميا فقلت أنا راءٍ قضيب لوز فقال الرب لى أحسنت الرؤية لأنى أنا ساهر على كلمتى لأجريها" ( أر1: 11-12 ) . إن الكتاب المقدس هو كلام الله . فعندما يتعامل الإنسان مع الكتاب المقدس، يجب أن يتعامل معه بكل الاحترام . فلا يليق أن يحاول الإنسان أن ينتقد الكتاب المقدس كما هو موجود فى العالم الغربى الآن علماء يسمون }علماء نقد الكتاب المقدس{ فمن يستطيع أن يقف أمام كلام الله ؟ ! كلام الله ينير لنا الطريق كقول المرنم "مصباح لرجلىّ كلامك ونور لسبيلى" ( مز118: 105 ) . وقد قال الله لموسى النبى ولشعب إسرائيل "ولتكن هذه الكلمات التى أنا أوصيك بها اليوم على قلبك، وقصها على أولادك، وتكلم بها حين تجلس فى بيتك، وحين تمشى فى الطريق، وحين تنام وحين تقوم، وأربطها علامة على يدك، ولتكن عصائب بين عينيك، واكتبها على قوائم أبواب بيتك وعلى أبوابك" ( تث6: 6-9 ) . وعندما يقول ضعها على قلبك أى احفظها عن ظهر قلب، لذلك فإن هذه وصية إلهية بحفظ الأسفار المقدسة . وقداسة البابا شنودة الثالث دائماً يقول {احفظوا المزامير تحفظكم المزامير} .
الكتاب المقدس أساس الديانة المسيحية إن الكتاب المقدس بعهديه يمثل أساساً راسخاً للديانة المسيحية . فالمسيحية لم تأتِ من فراغ ولكن توجد نبوات كثيرة ورموز عن السيد المسيح، وعن أمور أخرى كثيرة . فمثلاً تنبأ الكتاب المقدس عن ميلاد السيد المسيح "ها العذراء تحبل وتلد ابناً وتدعو اسمه عمانوئيل" ( أش7: 14 ) . وتنبأ عن ميلاده فى بيت لحم "أما أنت يا بيت لحم إفراتة وأنت صغيرة أن تكونى بين ألوف يهوذا فمنك يخرج لى الذى يكون متسلطاً على إسرائيل، ومخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل" ( ميخا5: 2 ) . وأيضاً تنبأ أشعياء وقال بفم الرب "لأنه يولد لنا ولد ونعطى ابناً وتكون الرياسة على كتفه ويدعى اسمه عجيباً مشيراً إلهاً قديراً أباً أبدياً رئيس السلام" ( أش9: 6 ) . وكذلك عن هروب السيد المسيح إلى مصر "لما كان إسرائيل غلاماً أحببته ومن مصر دعوت ابنى" ( هو11: 1 ) . وعن دخول السيد المسيح إلى أورشليم "ابتهجى جداً يا ابنة صهيون اهتفى يا بنت أورشليم، هوذا ملكك يأتى إليك هو عادل ومنصور وديع وراكب على حمار وعلى جحش ابن أتان" ( زك9: 9 ) . وكذلك عن آلام السيد المسيح "ظُلِم أما هو فتذلل ولم يفتح فاه كشاة تساق إلى الذبح وكنعجة صامتة أمام جازيها فلم يفتح فاه" ( أش53: 7 ) . وكذلك من مزامير داود النبى "ثقبوا يدىَّ ورجلىَّ، أُحصى كل عظامى وهم ينظرون ويتفرسون فىَّ . يقسمون ثيابى بينهم وعلى لباسى يقترعون" ( مز22: 16-18 ) . سألنا مرة أحد المحامين اليهود ( قابلناه خارج مصر بشأن قضية دير السلطان ) كيف تنال الغفران ؟ فقال نطلب الغفران من الله . فقلنا إن الكتاب المقدس يقول إن الغفران بالذبيحة، وأنتم لا يوجد لديكم ذبيحة . لأن الهيكل قد هُدم منذ ألفى عام تقريباً، ولا يوجد الآن ذبيحة لغفران الخطايا حسب الطقس اليهودى القديم لأن الذبيحة الحقيقية هى ذبيحة الصليب .. ثار وقال لا؛ لا يوجد شئ يسمى ذبيحة بشرية، والله لا يقبل ذبائح بشرية . قدمنا له المزمور ( 22 ) ليقرأه إلى أن وصل إلى الآيات التى تقول "ثقبوا يدىَّ ورجلىَّ، أُحصى كل عظامى وهم ينظرون ويتفرسون فىَّ . يقسمون ثيابى بينهم وعلى لباسى يقترعون" ( مز22: 16-18 ) سألناه هل داود النبى كان يتكلم عن نفسه ؟ ! أى هل قد ثُقبت يداه ورجلاه ؟ فقال لا، لأنه مات على فراشه . وهذا مكتوب فى أسفار الكتاب المقدس . فقلنا له متسائلين : إذن عمن يتحدث هذا المزمور الذى يقول "يبست مثل شقفة قوتى ولصق لسانى بحنكى وإلى تراب الموت تضعنى لأنه قد أحاطت بى كلاب . جماعة من الأشرار اكتنفتنى . ثقبوا يدىَّ ورجلىَّ أُحصى كل عظامى وهم ينظرون ويتفرسون فىَّ يقسمون ثيابى بينهم وعلى لباسى يقترعون . أما أنت يا رب فلا تبعد . يا قوتى أسرع إلى نصرتى . أنقذ من السيف نفسى . من يد الكلب وحيدتى . خلصنى من فم الأسد ومن قرون بقر الوحش استجب لى . أُخبر باسمك إخوتى . فى وسط الجماعة أسبحك" ( مز22: 15-22 ) ؟ ! . وفى النهاية اعترف المحامى اليهودى وقال {هذا وصف دقيق لصلب السيد المسيح} ! فالمسيحية لم تأتِ من فراغ، ولكنها بُنيت على أساس نبوات سبق فأنبأ بها أنبياء قديسون قبل مجيء السيد المسيح بآلاف السنين .. وقد قال السيد المسيح لليهود؛ موسى كتب عنى "لو كنتم تصدقون موسى لكنتم تصدقوننى لأنه هو كتب عنى" ( يو5: 46 ) .. وقال أيضاً "أبوكم إبراهيم تهلل بأن يرى يومى فرأى وفرح" ( يو8: 56 ) . وقد امتلأ زكريا من الروح القدس فى يوم ميلاد يوحنا المعمدان "امتلأ زكريا أبوه من الروح القدس وتنبأ قائلاً مبارك الرب إله إسرائيل لأنه افتقد وصنع فداءً لشعبه وأقام لنا قرن خلاص فى بيت داود فتاه . كما تكلم بفم أنبيائه القديسين الذين هم منذ الدهر . خلاص من أعدائنا ومن أيدى جميع مبغضينا . ليصنع رحمة مع آبائنا ويذكر عهده المقدس . القسم الذى حلف لإبراهيم أبينا أن يعطينا إننا بلا خوف منقذين من أيدى أعدائنا نعبده بقداسة وبر قدامه جميع أيام حياتنا" ( لو1: 67-75 ) .
المسيحية بُنيت على أساس النبوات قد بُنيت المسيحية على أساس نبوات كثيرة، فمنذ آلاف السنين والله يعد البشرية لمجيء المخلّص .. من أمثلة النبوات التى قيلت عن آلامه وصلبه "وعظماً لا تكسروا منه" ( خر12: 46 ) . وكذلك "رجل أوجاع ومختبر الحزن .. كشاة تساق إلى الذبح .. وجُعل مع الأشرار قبره ومع غنىّ عند موته على أنه لم يعمل ظلماً ولم يكن فى فمه غش" ( أش53: 3، 7، 9 ) .. "مع الأشرار قبره" حيث صُلب مع اللصوص وكان سيُوضع فى مقبرتهم، ولكن أسرع يوسف الرامى وأخذ الجسد من بيلاطس وتحققت النبوة "مع غنىّ عند موته" .. "سكب للموت نفسه وأحصى مع أثمة وهو حمل خطية كثيرين وشفع فى المذنبين" ( أش53: 12 ) . وكذلك قيل "لأنك لا تترك نفسى فى الجحيم، ولا تدع قدوسك يرى فساداً" ( مز15: 10 ) . لأن جسده لم يفسد وقام منتصراً فى اليوم الثالث كقول المزمور "أنا اضطجعت ونمت؛ ثم استيقظت لأن الرب ناصرى" ( مز3: 5 ) . وأيضاً نبوة عن قيامة السيد المسيح فى اليوم الثالث "فى اليوم الثالث يقيمنا فنحيا أمامه" ( هو6: 2 ) . وعن التجسد "طأطأ السماوات ونزل وضباب تحت رجليه . ركب على كروب وطار وهفَّ على أجنحة الرياح" ( مز18: 9-10 ) . وعن صعوده "صعد الله بتهليل، والرب بصوت البوق" ( مز46: 5 ) . وعن حلول الروح القدس "ويكون بعد ذلك أنى أسكب روحى على كل بشر فيتنبأ بنوكم وبناتكم ويحلم شيوخكم أحلاماً ويرى شبابكم رؤى وعلى العبيد أيضاً وعلى الإماء أسكب روحى فى تلك الأيام" ( يؤ2: 28-29 ) .. كل ما حدث فى العهد الجديد؛ سبق وتنبأ عنه الأنبياء فى العهد القديم . وهذه مجرد أمثلة أى قليل من كثير جداً من النبوات التى وردت فى الكتب المقدسة .
من هم الذين يتممون النبوات ؟ إن المهم فى إتمام هذه النبوات؛ أن بعضها لم يقم بإتمامها أصدقاء للسيد المسيح، ولكن تممها الذين قتلوه وليس أصدقاؤه ! فقد تنبأ عن تلميذه الذى خانه "أيضاً رجل سلامتى الذى وثقت به آكِلُ خبزى رفع علىَّ عقبه" ( مز41: 9 ) . وأيضاً "فقال لى الرب ألقها إلى الفخارى الثمن الكريم الذى ثمنونى به فأخذت الثلاثين من الفضة وألقيتها إلى الفخارى فى بيت الرب" ( زك11: 13 ) وهذا ما حدث بالفعل، فقد أخذوا الثلاثين من الفضة واشتروا بها حقل الفخارى .. إن رؤساء الكهنة .. يهوذا الإسخريوطى .. بيلاطس البنطى .. هيرودس الملك .. كل هؤلاء قد تمموا النبوات مع أنهم كانوا أعداءً للسيد المسيح . فقد تنبأ الكتاب عن قتل أطفال بيت لحم "هكذا قال الرب : صوت سمع فى الرامة، نوح بكاء مر، راحيل تبكى على أولادها وتأبى أن تتعزى عن أولادها لأنهم ليسوا بموجودين" ( أر31: 15 ) فعندما أرسل هيرودس وقتل كل أطفال بيت لحم من سن سنتين فما دون، هرب السيد المسيح إلى أرض مصر لكى يتمم لنا الفداء ويُصلب عنا .. لم يهرب من الخوف، بل من أجل أن يبدأ رسالته ويُعلِّم تعاليم العهد الجديد، ثم يقدّم نفسه ذبيحة فداءً عن حياة العالم كله . حقاً "من الآكل خرج أكل ومن الجافى خرجت حلاوة" ( قض14: 14 ) . لأن أعداء المسيح قد حققوا جزءًا هاماً من النبوات التى كُتبت عنه .
يكون مذبح للرب فى وسط أرض مصر تنبأ الكتاب المقدس بأمور لم يكن اليهود أنفسهم من الممكن أن يقبلوها . وبالرغم من ذلك فهى موجودة فى كتبهم إلى هذا اليوم مثل ما ورد فى سفر أشعياء النبى "فى ذلك اليوم يكون مذبح للرب فى وسط أرض مصر وعمود للرب عند تخمها" ( أش19: 19 ) . فاليهود يرفضون تماماً إقامة أى مذبح خارج أورشليم . وأيضاً مكتوب "فيكون علامة وشهادة لرب الجنود فى أرض مصر لأنهم يصرخون إلى الرب بسبب المضايقين فيرسل لهم مخلصاً ومحامياً وينقذهم فيُعرَف الرب فى مصر ويعرف المصريون الرب فى ذلك اليوم ويقدمون ذبيحة وتقدمة وينذرون للرب نذراً ويوفون به" ( أش19: 20-21 ) هذا هو مذبح الرب الذى للعهد الجديد .. فمَن الذى يقبل مِن اليهود أن يكون مذبح للرب فى وسط أرض مصر ؟ ! فهم مشتتين فى العالم كله إلى اليوم، ومع ذلك لم يقيموا أى مذبح خارج أورشليم، فهم يحاولون إعادة المذبح مكان هيكل سليمان مرة أخرى، ولكنهم لم يستطيعوا أن يعملوا هذا .. وتنبأ أيضاً عن مجيء العائلة المقدسة إلى أرض مصر "هوذا الرب راكب على سحابة سريعة وقادم إلى مصر فترتجف أوثان مصر من وجهه ويذوب قلب مصر داخلها" ( أش19: 1 ) . لا يمكن تحريف الكتاب المقدس لا فى العهد القديم، ولا فى العهد الجديد . لأنه لو قمنا بتحريف أى آيات فى العهد القديم فحتمياً كان اليهود سيحتجون ويهيجون علينا، ويقولون إننا نؤلف آيات لكى نثبت بها مسيحيتنا .. ولكن هذا بالطبع لم يحدث على الإطلاق ولم يحتج اليهود علينا ولم يقولوا إننا أضفنا آيات إلى سفر أشعياء أو إلى غيره من الأسفار .
الاكتشافات التى تمت للكتب المقدسة لقد تم اكتشاف نسختين كاملتين من سفر أشعياء فى وادى قمران . يرجع تاريخ نسخهم إلى القرن الثانى قبل الميلاد، وهما بنفس النصوص الموجودة بين أيدينا الآن . لقد كان لليهود عادات وقوانين صارمة فى كتابة الأسفار الخاصة بالعهد القديم . مثل غسل الجسد، وارتداء الثياب العبرانية، وأن تكون الرقوق من جلود الحيوانات الطاهرة، ويكون الحبر أسود نقى من العسل والكربون، ولا تكتب كلمة واحدة من الذاكرة . والكاتب يقرأ الكلمة بصوت مسموع أثناء الكتابة . وعند كتابة اسم من أسماء الله . لابد أن يذهب الكاتب للاغتسال، ثم يكتب بريشة خاصة، وحبر خاص . وإذا وجد فى نسخة ثلاثة أخطاء أو أكثر تُعدم هذه النسخة كلها . ولذلك كانوا يستطيعون أن يحفظوا كل سفر وأجزاءه وسطوره وآياته وكلماته وحروفه . فمثلاً كان معروفاً عندهم أن حرف الألف ورد فى التوراة العبرية ( أى أسفار موسى الخمسة ) 42377 مرة لأنهم قاموا بإحصائه فى كل التوراة، وحرف الباء 38218 مرة . فهم يقومون بإحصاء الحرف الواحد ورد كم مرة فى كل التوراة، فإن نقص مجرد حرف واحد فقط يتم اكتشافه .
السماء والأرض تزولان ولكن كلامى لا يزول قال السيد المسيح "فإنى الحق أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل" ( مت5: 18 ) . وأيضاً "السماء والأرض تزولان ولكن كلامى لا يزول" ( مر13: 31 ) .. وقال القديس يوحنا الرسول فى كتابته لسفر الرؤيا آخر أسفار العهد الجديد "إن كان أحد يزيد على هذا يزيد الله عليه الضربات المكتوبة فى هذا الكتاب . وإن كان أحد يحذف من أقوال كتاب هذه النبوة يحذف الله نصيبه من سفر الحياة ومن المدينة المقدسة ومن المكتوب فى هذا الكتاب" ( رؤ22: 18-19 ) . وقد حاول مجموعة من العلماء بحث نتيجة افتراض فقد كتاب العهد الجديد بأكمله ؟ فاستطاعوا أن يجمعوا من خلال كتابات الآباء القديسين فى القرنين الثانى والثالث الميلادى آيات العهد الجديد بأكمله ماعدا 11 آية فقط . وذلك حسب ما ورد فى مرجع }نورمان جسلر ووليم نكس{ وأحصيت كتابات الآباء السابقين لمجمع نيقية فوجدوا أن الاقتباسات التى اقتبسوها من العهد الجديد 36289 اقتباس، ومن الأناجيل 19368، ومن سفر الأعمال 1352، ومن رسائل القديس بولس الرسول 14035، ومن الرسائل الجامعة 870، ومن سفر الرؤيا 664 اقتباس . فكيف بعد أن كُتبت الأناجيل كلها وانتشرت فى العالم كله، يستطيع أحد بعد ذلك أن يحرّف فيها ؟ ! كيف يستطيع أن يُجمِّع كل هذه النسخ المنتشرة فى أنحاء العالم أجمع ليُحرِّف فيها ؟ !
كيف يمكن تحريف الإنجيل ؟ !
لقد كانت عادة المسيحيين عند دفن موتاهم . إنهم يضعون نسخة من الكتاب المقدس تحت رأس المتوفى . وقد وجدوا فى حفريات نجع حمادى فى مصر فتاة قبطية وتحت رأسها نسخة من سفر المزامير بأكمله باللغة القبطية من القرون الأولى للمسيحية .. كيف يستطيع أحد بعد ذلك أن يجمع كل هذه النسخ المنتشرة فى أنحاء العالم ليحرّف فيها ؟ ! كما أنه يوجد أحياناً بين الكنائس بعض الخلافات، فكيف يمكن أن تتفق الكنائس على التحريف ؟ ! وهذه الخلافات موجودة منذ القرون الأولى للمسيحية .
إلى جانب وجود بعض الهراطقة الذين جادلوا ضد القديسين . مثل الحوار الذى بين القديس أثناسيوس الرسولى وبين أريوس فى أوائل القرن الرابع الميلادى . فأريوس كان ينكر ألوهية السيد المسيح، والقديس أثناسيوس كان يدافع عن ألوهية السيد المسيح . فلم يحدث أن قال أريوس للقديس أثناسيوس إن الآيات التى قمت باستخدامها لإثبات ألوهية السيد المسيح ليس لها وجود فى الكتاب المقدس . لكنه كان يحاول إثبات هرطقته بالتحوير فى تفسير الآيات أو يستخدم آيات أخرى يسئ هو فهمها وتفسيرها . ولا زالت الآيات التى استخدمها أريوس موجودة فى العهد الجديد كما هى . ومن المعروف أن المسيحية قامت ضدها هرطقات منذ القرن الأول الميلادى، ولم يحدث إطلاقاً أن اليهود أو الوثنيين أو الهراطقة اتهموا المسيحيين بتحريف الكتاب المقدس . إن المسيحيين قد استشهدوا من أجل الإنجيل، وقد دفعوا الثمن غالياً . فكيف أن شخصاً يحرّف الحقيقة وفى نفس الوقت يضحى بحياته فى سبيل حقيقة محرّفة ؟ ! فمن جيل إلى جيل لم توجد ديانة فى العالم كله احتملت الاضطهاد وقدمت شهداء مثل المسيحية . منذ فجر المسيحية الأول وإلى ملء التاريخ .
متى حُِرِّف الكتاب المقدس وأين هو الكتاب المقدس غير المحرف ؟
"فقال الرب لى أحسنت الرؤية لأنى أنا ساهر على كلمتى لأجريها" ( إر1: 12 ) . فهل الله لم يستطع أن يحفظ ولو نسخة واحدة من الكتاب المقدس ؟ ! إنه يوجد نسخ من الكتب المقدسة موجودة فى المتاحف، بعضها أجزاء من الكتاب المقدس وبعضها كتب مقدسة كاملة تشمل العهدين القديم والجديد موجودة مثل النسخة الفاتيكانية، والنسخة السينائية، والنسخة الاسكندرية . فالنسخة الفاتيكانية خطت سنة 328م بأمر الملك قسطنطين، وهى محفوظة الآن فى الفاتيكان وكتبت فى مصر، وتتضمن العهدين القديم والجديد باللغة اليونانية . والنسخة السينائية خطت فى أواخر القرن الرابع الميلادى على رقوق مرهفة من أربعة أعمدة فى الصفحة الواحدة وقد عثر عليها العالِم شندروم فى دير سانت كاترين عند سفح جبل سيناء وهى موجودة الآن فى المتحف البريطانى . والنسخة الاسكندرية خطت فى القرن الخامس الميلادى، وظلت فى حفظ بطاركة الإسكندرية حتى 1828م حيث أهداها البطريرك لوكارس الكريدى ( الملكانى ) إلى ملك بريطانية شارل الأول وهى الآن محفوظة فى المتحف البريطانى فى إنجلترا . إلى جانب أنه وُجدت قصاصات متناثرة من الأناجيل فى أماكن متعددة فى العالم موجودة بالمتاحف، ولم يحدث إطلاقاً أن وجدت قصاصة من صفحة من صفحات الإنجيل، ووُجدت مختلفة عن الأناجيل الذى بين أيدينا الآن . مهما كان عمرها، إن رجعت إلى القرن الأول الميلادى أو الثانى أو ما بعد ذلك .. لذلك لا يمكن أن نقبل إطلاقاً إدّعاء تحريف الكتاب المقدس . أحياناً يرى بعض الأشخاص اختلافات فى الكتاب المقدس بين أجزاء وأجزاء . مثال لذلك إنجيل يوحنا يقول عن المريمات "جاءت مريم المجدلية إلى القبر باكراً والظلام باق" ( يو20: 1 ) . وإنجيل آخر هو إنجيل مرقس يقول إنهن "أتين إلى القبر إذ طلعت الشمس" ( مر16: 2 ) . لكن فى الحقيقة إن هذا ليس اختلافاً ولكنه سوء فهم من القارئ لأنه عندما يقول "إذ طلعت الشمس" يقصد نور الشمس وليس قرص الشمس . وعند طلوع الشمس من ناحية الشرق يكون الظلام باق من ناحية الغرب . فليس هناك أى تناقض . وأى تناقض يراه القارئ يكون نتيجة عدم فهم وسرعة فى الحكم على الآية . فمن الطبيعى أننا نقرأ الكتاب المقدس فى خشوع، وفى احترام، ونسأل الآباء ومعلمى البيعة ونستشير أقوال وكتابات الآباء القديسين إذا اُغلق علينا فهم أى جزء من أجزاء الكتاب المقدس لأن الكتاب كله هو موحى به من الله "كل نبوة الكتاب ليست من تفسير خاص . لأنه لم تأتِ نبوة قط بمشيئة إنسان، بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس" ( 2بط1: 20،21 ) .
إنك منذ الطفولية تعرف الكتب المقدسة يجب أن نعلم أطفالنا ونحفّظهم الكتاب المقدس، فقد قال بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس "وإنك منذ الطفولية تعرف الكتب المقدسة القادرة أن تحكّمك للخلاص بالإيمان الذى فى المسيح يسوع" ( 2تى3: 15 ) مقصود بعبارة "الكتب المقدسة" هنا العهد القديم لأنه فى وقت طفولية القديس تيموثاوس لم تكن أناجيل العهد الجديد والرسائل قد كُتبت بعد .. فلابد أن نُحفِّظ أطفالنا أكبر كمية ممكنة من الكتب المقدسة وهذه مسئولية خطيرة جداً لأن المثل الشائع يقول إن }التعليم فى الصغر مثل النقش على الحجر{ . وإذا قصّرنا فى ذلك فإننا نُقصّر فى حفظ الوديعة . ففى العصر المسيحى الأول؛ كان المؤمنون يحفظون الأسفار المقدسة .. فكانت تُكتب وتُحفظ فى قلوب وعقول المؤمنين فى آنٍ واحد . وإنه لشئ جميل جداً أن كلام الله يكون على الورق مكتوباً، وفى القلب محفوظاً . فالكتاب المقدس ليس هو فقط مخطوطات تنسخ ولكنه قديسين يحيوْن بكلام الله . لذلك قال السيد المسيح "الكلام الذى أكلمكم به هو روح وحياة" ( يو6: 63 ) .
الكنيسة شاهدة للكتاب المقدس إن الكنيسة هى شاهدة للكتاب المقدس .. شاهدة لصحته .. شاهدة لعصمته، والكتاب المقدس شاهد للكنيسة . فالكتاب المقدس هو جزء من التقليد الرسولى الذى استلمته الكنيسة وأيضاً هو حارس التقليد، لأنه هو الذى يحمي التقليد من أى شئ يندس فيه ويتعارض مع فكر الله ومشيئته . فالكتاب المقدس هو فى التقليد وهو أيضاً حارس للتقليد، وهو صاحب السلطة العليا عليه .. فالكنيسة تحرس الكتاب المقدس، والكتاب يحرس الكنيسة، والروح القدس هو الذى يقود هذا وتلك . "لأنه لم تأتِ نبوة قط بمشيئة إنسان بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس" ( 2بط1: 21 ) . فالروح القدس هو الذى يسوق الكنيسة ويقودها ويعمل فيها . ولذلك تحترم الكنيسة الكتاب المقدس جداً وتقرأ فصول كثيرة من العهد القديم والعهد الجديد فى كل المناسبات . وحينما يُقرأ الإنجيل يقف الجميع بخوف وخشوع، ويقول الشماس }قفوا بخوف أمام الله وانصتوا لسماع الإنجيل المقدس{ . وتنار الشموع حول الإنجيل لأن الإنجيل هو نور العالم . لهذا قال القديس بولس الرسول "لا بمقتضى أعمالنا بل بمقتضى القصد والنعمة التى أعطيت لنا فى المسيح يسوع قبل الأزمنة الأزلية وإنما أظهرت الآن بظهور مخلصنا يسوع المسيح الذى أبطل الموت وأنار الحياة والخلود بواسطة الإنجيل" ( 2تى1: 9،10 ) . وفى كل قداس وكل معمودية وكل سر من أسرار الكنيسة السبعة تُقرأ فصول من الكتب المقدسة . ويقرأ فصل من الإنجيل، وتصلى صلاة خاصة تسمى "أوشية الإنجيل" وهى طلبة خاصة يقال فيها }فلنستحق أن نسمع ونعمل بأناجيلك المقدسة بطلبات قديسيك{ ويقول الشماس }صلوا من أجل الإنجيل المقدس{ . ونتذكر فى هذه الصلاة كلمات السيد المسيح التى قالها لرسله "ولكن طوبى لعيونكم لأنها تبصر ولآذانكم لأنها تسمع" ( مت13: 16 ) . فنشعر إننا مغبوطين لأننا قد نلنا هذا الشرف العظيم أن نستمع إلى كلمات الإنجيل . فالقديس أنطونيوس عندما دخل الكنيسة، وكانت الأذن مستعدة للسمع، والقلب مستعد للطاعة، وسمع كلمات الإنجيل "إن أردت أن تكون كاملاً فاذهب وبع أملاكك واعط الفقراء فيكون لك كنز فى السماء وتعال اتبعنى" ( مت19: 21 ) . ذهب وصنع ما سمعه فى فصل الإنجيل المقدس وهكذا خرج أبو الرهبان ليبدأ مرحلة جديدة فى تاريخ الرهبنة المسيحية . لذلك فإن السيد المسيح قد شبه كلامه بالزارع الذى خرج ليزرع . فالذى وقع على الأرض الجيدة أعطى ثمراً ثلاثين وستين ومائة .
الربط بين العهد القديم والعهد الجديد فى كلام معلمنا بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس "إنك منذ الطفولية تعرف الكتب المقدسة القادرة أن تُحكّمك للخلاص بالإيمان الذى فى المسيح يسوع" ( 2تى3: 15 ) ، ربط عجيب جداً بين العهد القديم والجديد . لأن المقصود بالكتب المقدسة التى عرفها منذ الطفولية هى العهد القديم وعند قوله "القادرة أن تُحكّمك للخلاص بالإيمان الذى فى المسيح يسوع" فهى انطلاقة من القديم إلى الجديد .. فهى التى تحكمك للخلاص، وهى التى تعطيك الحكمة والاستنارة والفهم فيما يخص الإيمان الذى بالمسيح يسوع . لذلك قال السيد المسيح لليهود "فتشوا الكتب لأنكم تظنون أن لكم فيها حياة أبدية وهى التى تشهد لى" ( يو5: 39 ) . وقال أيضاً "لأنكم لو كنتم تصدقون موسى لكنتم تصدقوننى لأنه هو كتب عنى" ( يو5: 46 ) ، وفى حديثه مع تلميذى عمواس سجل القديس لوقا الإنجيلى عنه "ثم ابتدأ من موسى ومن جميع الأنبياء يفسر لهما الأمور المختصة به فى جميع الكتب" ( لو24: 27 ) . وكذلك عند ظهوره للرسل مجتمعين بعد القيامة "قال لهم هذا هو الكلام الذى كلمتكم به وأنا بعد معكم أنه لا بد أن يتم جميع ما هو مكتوب عنى فى ناموس موسى والأنبياء والمزامير" ( لو24: 44 ) عبارة "وأنا بعد معكم" بمعنى أن هذا الكلام قاله السيد المسيح لهم قبل الصلب، ثم عاد وقاله لهم بعد القيامة، فتح ذهنهم ليفهموا الكتب .. أى أن السيد المسيح قد شهد لجميع أسفار العهد القديم التى كانت موجودة فى أيامه وسُجِل ذلك فى العهد الجديد .
صلوا من أجل الإنجيل نحتاج أن نصلى صلوات خاصة لكى يفتح الله أذهاننا لنفهم الكتب . وأوشية الإنجيل هى إحدى هذه الصلوات وأهمها . وأيضاً فى صلواتنا الخاصة يجب أن نصلى لكى يعطينا الله فهماً للأسفار المقدسة . هناك أشخاص يقرأون الكتب المقدسة وهم راكعون أو وهم وقوف فى وضع صلاة لأن الإنجيل هو كلام الله . يقول المرنم فى المزمور "إنى أسمع ما يتكلم به الرب الإله لأنه يتكلم بالسلام لشعبه ولقديسيه" ( مز84: 8 ) . لذلك عندما نقرأ الإنجيل نكون فى وضع المتلقى لرسالة سماوية تمس حياتنا الخاصة، وأيضاً لكى نفهم أعماق الأسرار المذخّرة وراء هذه الكلمات "وُجد كلامك فأكلته فكان كلامك لى للفرح" ( أر15: 16 ) . إن الإنسان الروحى يتغذى بكلام الكتب المقدسة، وهذا ما قال عنه السيد المسيح "مكتوب ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله" ( مت4: 4 ) . هناك أشخاص يهملون دراسة الكتاب المقدس فى العهد القديم . ولكن بولس الرسول يحذرنا بقوله "الكتب المقدسة القادرة أن تحكّمك للخلاص" ( 2تى3: 15 ) . فعندما نقرأ فى سفر أرميا "ها أيام تأتى يقول الرب وأقيم لداود غصن بر فيملك ملك وينجح ويُجرى حقاً وعدلاً فى الأرض . فى أيامه يُخلص يهوذا ويسكن إسرائيل آمناً وهذا هو اسمه الذى يدعونه به الرب برنا" ( أر23: 5-6 ) . فنجد أن هذه الكلمات لها نغمة خاصة فى أذهان المنتظرين الفداء فى إسرائيل لأنها تشير بوضوح إلى السيد المسيح البار القدوس ابن داود الذى أعطى الأمان لمؤمنيه بمصالحتهم مع أبيه السماوى .
اعتزاز شعب إسرائيل بالكتاب المقدس العجيب أن شعب إسرائيل بالرغم من عداوته للسيد المسيح، لكن اعتزازه بالكتاب المقدس والأسفار المقدسة جعله لا يحذف النبوات التى تكلمت عن السيد المسيح فى الكتب المقدسة التى شملتها قوانينهم مثل نبوة أشعياء "لكن أحزاننا حملها وأوجاعنا تحملها ونحن حسبناه مصاباً مضروباً من الله ومذلولاً وهو مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا تأديب سلامنا عليه وبحبره شفينا" ( أش53: 4-5 ) كلام محرج جداً لليهود .. لكن هذا يوضح لنا مدى حرص شعب إسرائيل على المحافظة على الأسفار بدون تحريف على الرغم من أن كلامها فيه إحراج لهم . ففى قول الكتاب "ثم قال الرب لى وإن وقف موسى وصموئيل أمامى لا تكون نفسى نحو هذا الشعب" ( أر15: 1 ) ، فهذه الكلمات تعتبر تجريحاً لشعب إسرائيل . فلو أراد اليهود تحريف هذه الأسفار لكانوا قد حذفوا هذه العبارة مثلاً، ولكنهم لا يقدرون أن يحذفوا ولا حرف واحد ولا كلمة واحدة من توراتهم، لأنهم وقت كتابتهم صفحة فى الكتاب المقدس يحصون عدد الأحرف فى السطر أفقى، وعدد الأسطر فى الصفحة كلها .. فكيف يُحذف بعد حتى ولو كلمة واحدة إن كان من المحال أن يتغير عدد الأحرف . وأيضاً "وقد صار عقاب بنت شعبى أعظم من قصاص خطية سدوم التى انقلبت كأنه فى لحظة ولم تلق عليها أياد . كان نذرها أنقى من الثلج وأكثر بياضاً من اللبن .. لم يُعرفوا فى الشوارع لصق جلدهم بعظمهم .. أيادى النساء الحنائن طبخت أولادهن . صاروا طعاماً لهن فى سحق بنت شعبى . أتم الرب غيظه، سكب حمو غضبه وأشعل ناراً فى صهيون فأكلت أسسها . لم تصدق ملوك الأرض وكل سكان المسكونة أن العدو والمبغض يدخلان أبواب أورشليم . من أجل خطايا أنبيائها وآثام كهنتها السافكين فى وسطها دم الصديقين . تاهوا كعُمىٍ فى الشوارع وتلطخوا بالدم حتى لم يستطع أحد أن يمس ملابسهم" ( مراثى4: 6-14 ) عبارة "من أجل خطايا أنبيائها" يقصد بها الأنبياء الكذبة الذين كانوا يتملقون الملوك ويكذبون عليهم . فإن أراد اليهود تحريف الكتاب المقدس لكانوا قد حذفوا هذه الاتهامات التى ضدهم، واللعنات الموجهه إليهم هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى كانوا قد حذفوا النبوات الواضحة عن السيد المسيح . وإن كان المسيحيون حرّفوا الكتاب المقدس، لما سكت اليهود إطلاقاً، لأن الكتاب المقدس العهد القديم هو كتابهم . إن مجرد تفسير بولس الرسول بأن الختان كان رمزاً للمعمودية، قام عليه اليهود . ونذر أربعون شخصاً أن لا يأكلوا إلا بعد قتله لأنهم اعتبروه ناقضاً للناموس . وكذلك السيد المسيح عندما شفى مرضى فى يوم السبت قام عليه اليهود وحُكم عليه بالموت . فإن كان من يغيرّ فى تفسير الشريعة فقط، وليس فى نصها، كان يُحكم عليه بالموت، فماذا سوف يكون الموقف إذا قام أحد بتغيير النص ؟ ! فالسيد المسيح لم يغير فى النص على الإطلاق، لكن قال لهم "السبت إنما جُعل لأجل الإنسان، لا الإنسان لأجل السبت، إذاً ابن الإنسان هو رب السبت أيضاً" ( مر2: 27، 28 ) . وسألهم "ألا يحل كل واحد منكم فى السبت ثوره أو حماره من المذود ويمضى ويسقيه، وهذه هى ابنة ابراهيم قد ربطها الشيطان ثمانى عشرة سنة، أما كان ينبغى أن تُحل من هذا الرباط فى يوم السبت" ( لو13: 15، 16 ) كانت المسألة مجرد حوار حول التفسير فقط، لكن لم يحدث إطلاقاً صراع حول النص . بل على العكس لقد شهد السيد المسيح للعهد القديم فى مواقف كثيرة كما أوضحنا سابقاً، وقد سألهم أيضاً "ماذا تظنون فى المسيح، ابن من هو ؟ قالوا له ابن داود . قال لهم : فكيف يدعوه داود بالروح رباً قائلاً : قال الرب لربى اجلس عن يمينى حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك" ( مت22: 42-45 ) شهد الرب أن ما قاله داود هو بالروح .
يذكر عهده المقدس يوجد اقتباسات كثيرة جداً من العهد القديم موجودة فى العهد الجديد وكذلك أقوال كثيرة للسيد المسيح فى العهد الجديد مأخوذة من العهد القديم "فأجابه يسوع قائلاً : مكتوب أن ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة من الله" ( لو4: 4 ) . وكذلك قوله لتلاميذه "إنه لا بد أن يتم جميع ما هو مكتوب عنى فى ناموس موسى والأنبياء والمزامير" ( لو24: 44 ) . فلا يستطيع أحد أن يدّعى تحريف العهد القديم .
ولكن أحياناً يقول البعض إن العهد الجديد هو الذى يجب أن نتبعه، لأن العهد القديم به وصايا قد انتهت بمجيء السيد المسيح، لدرجة أن يقولون إن إله العهد القديم ليس هو إله العهد الجديد .. هذا كلام خاطئ جداً، لأن الذى تغير هو الإنسان وليس الله . لأن عهد الخلاص الذى أعطاه الله لإبراهيم فى العهد القديم هو نفسه الذى تحقق فى العهد الجديد "وأقام لنا قرن خلاص فى بيت داود فتاه .. ليصنع رحمة مع آبائنا ويذكر عهده المقدس، القسم الذى حلف لابراهيم أبينا أن يعطينا إننا بلا خوف منقذين من أيدى أعدائنا نعبده بقداسة وبر جميع أيام حياتنا" ( لو1: 69-75 ) .
يسوع المسيح هو هو أمسا واليوم وإلى الأبد تحمل عبارة "العهد القديم" أكثر من معنى؛ فعندما نقول "كتب العهد القديم" نقصد الأسفار التى كتبت قبل مجيء السيد المسيح، وعندما نقول "العهد بين الله وشعبه" الذى نقضه الشعب فهذا معنى آخر لكلمة العهد .. والعهد الذى بين الله وإبراهيم هو عهد خلاص، لذلك هو هو نفسه العهد الذى تكلم عنه زكريا أبو يوحنا المعمدان .. وهو العهد الذى تكلمت عنه السيدة العذراء فى تسبحتها "تبتهج روحى بالله مخلصى .. كما كلم آباءنا لابراهيم ونسله إلى الأبد" ( لو1: 47، 55 ) . لا يوجد شئ يسمى إله العهد القديم، وإله العهد الجديد . ويقول معلمنا بولس الرسول "يسوع المسيح هو هو أمساً واليوم وإلى الأبد" ( عب13: 8 ) . وكذلك يقول الكتاب عن الله "الذى ليس عنده تغيير ولا ظل دوران" ( يع1: 17 ) . فالإنسان هو الذى يتغير وليس الله . لذلك عندما سُئل السيد المسيح عن الطلاق "قالوا له فلماذا أوصى موسى أن يعطى كتاب طلاق فتطلّق" ( مت19: 7 ) . قال : "من أجل قساوة قلوبكم أذن لكم" ( مت19: 8 ) . فليس التغير فى الله معطى الوصية، ولكن فى الإنسان الذى ينفّذ الوصية .
الإنسان قبل وبعد النعمة فما الفرق بين الإنسان قبل النعمة والإنسان بعد النعمة ؟ قد جاء السيد المسيح ليحرر الإنسان من الخطية والعبودية، ويعبر بالبشر من الموت الأبدى إلى الحياة، ومن الظلمة إلى النور . فكيف تكون وصايا العهد القديم هى نفسها وصايا العهد الجديد ؟ ! كيف أن الله يُطالب الإنسان قبل الخلاص بنفس الوصايا التى يطالبه بها بعد إتمام الخلاص ؟ ! فأين التجديد ؟ ! يقول الكتاب "إذاً إن كان أحد فى المسيح فهو خليقة جديدة" ( 2كو5: 17 ) . فالإنسان الذى أخذ النعمة والبنوة والتجديد، مطالَب بوصايا سامية ومقدسة جداً . لأن الإنسان الذى ورث خطية آدم ويعيش تحت لعنة الناموس كيف يُطلب منه وصايا العهد الجديد ؟ ! وكيف يستطيع تنفيذها بدون أين يأخذ إمكانية تنفيذها ؟ ! ولكى نستطيع تنفيذ وصايا السيد المسيح، أعطانا الرب نعمة التجديد والتبنى، وصالحنا مع الآب السماوى، وأعطانا سكنى الروح القدس فى داخلنا . وبذلك نستطيع أن ننفذ وصايا الكمال .
ما جئت لأنقض بل لأكمل نحن نرفض تماماً الإدعاء بأن هناك إله يسمى "إله العهد القديم" وإله يسمى "إله العهد الجديد" . فيقولون قديماً كان الله يوصى شعبه أن يخرجوا للحرب، وفى العهد الجديد قال "أحبوا أعداءكم" ( مت5: 44 ) .. فنحن نقول إن الله قد أوصى أيضاً فى العهد الجديد أن نحارب الشيطان . ففى العهد القديم كان يحارب الإنسان الوثنية، لكى يستطع أن يحافظ على كيانه، لأنه ليس له سيف الروح القدس وكلمة الله . لذلك كان يحارب بالسيف، لكى يستطيع كشعب خاص، ومملكة كهنة أن يحافظ على كيانه من عبادة الأوثان . لكن فى العهد الجديد قال "ها أنا أرسلكم كغنم فى وسط ذئاب، فكونوا حكماء كالحيات وبسطاء كالحمام" ( مت10: 16 ) . فإنسان العهد الجديد له إمكانيات تختلف تماماً عن إنسان العهد القديم . وهو قال أيضاً "لأنى أنا أعطيكم فماً وحكمة لا يقدر جميع معانديكم أن يقاوموها أو يناقضوها" ( لو21: 15 ) . لقد خرجت المسيحية تهز العالم كله "وهذه الآيات تتبع المؤمنين، يخرجون الشياطين باسمى ويتكلمون بألسنة جديدة" ( مر16: 17 ) . فمن كان يستطيع أن يخرج شيطاناً فى العهد القديم ؟ ! لقد اهتزت مملكة الشيطان أمام قوة الكرازة بالإنجيل بواسطة رسل المسيح الذين "إلى كل الأرض خرج صوتهم وإلى أقاصى المسكونة أقوالهم" ( رو10: 18 ) . ففى العهد القديم كان الله يحافظ على شعبه، ويحوطه فى مساحة ضيقة، وأقصى شئ كان هو منع تسلل الوثنيين فى وسطهم . أما فى العهد الجديد فقد قال لهم "اذهبوا إلى العالم أجمع، واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها" ( مر16: 15 ) ، وهنا أصبحت الكنيسة تنطلق إلى العالم أجمع . لأنها تحمل قوة الشهادة للمسيح، ومعها ما هو أقوى من الموت . لأنها تشهد للحياة الأبدية التى كانت عند الآب وأظهرت لنا، لم تعد تخشى الموت .. فلهذا علينا أن نشهد دائماً بقيامة ربنا يسوع المسيح من بين الأموات . وكما نقول فى القداس الإلهى }آمين آمين آمين بموتك يارب نبشر وبقيامتك المقدسة وصعودك إلى السموات نعترف{ . هذه هى رسالتنا فى هذا العالم؛ ننشر السلام .. ننشر الحب .. نكرز بالحياة .. نكرز بقيامة يسوع المسيح من بين الأموات . ليجعلنا يسوع المسيح شهود حقيقيين للقيامة وبشارة الإنجيل .
ولإلهنا المجد الدائم إلى الأبد آمين اذكرونى فى صلواتكم
| |
|
ادارة المنتدي ادارة المنتدي مسئول التصميمات
رقم العضو : 1 الجنس : تاريخ التسجيل : 02/10/2010 تاريخ الميلاد : 11/09/1992 عدد المساهمات : 804 نقاط : 5166495 السٌّمعَة : 16 العمر : 32
| موضوع: سلسلة محاضرات تبسيط الايمان للانبا بيشوى ( 4 ) الأحد 10 أبريل 2011 - 5:05 | |
| سلسلة محاضرات تبسيط الإيمان الأنبا بيشوى 4- سر المعمودية
المعمودية شرط للخلاص
إن المعمودية هامة لنا كمسيحيين، وقد اعتبرها السيد المسيح شرطاً أساسياً لدخول ومعاينة ملكوت السماوات، وقد أوصى تلاميذه قبل صعوده للسماوات قائلاً "فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس" ( مت28: 19 ) أى يتم التعميد على اسم الثالوث؛ الإله الواحد المثلث الأقانيم .
وكذلك قال "من آمن واعتمد خلص" ( مر16: 16 ) . فكما جعل السيد المسيح الإيمان شرطاً لنيل الخلاص، كذلك جعل المعمودية أيضاً شرطاً للخلاص . لذلك لم يقل "من آمن خلص"، بل قال "من آمن واعتمد خلص" .
معمودية واحدة تتم المعمودية بثلاث غطسات وهى فى نفس الوقت معمودية واحدة . نقول فى قانون الإيمان }ونعترف بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا{ وكان الختان للذكور فى العهد القديم رمزاً للمعمودية .. وكما أنه لا يمكن أن يختتن الإنسان مرتين، هكذا أيضاً المعمودية لا تُعاد مثلما قال معلمنا بولس الرسول إلى العبرانيين "لأن الذين استنيروا مرة وذاقوا الموهبة السماوية، وصاروا شركاء الروح القدس، وذاقوا كلمة الله الصالحة وقوات الدهر الآتى؛ وسقطوا لا يمكن تجديدهم أيضاً للتوبة إذ هم يصلبون لأنفسهم ابن الله ثانية ويشهرونه" ( عب6: 4-6 ) لا يمكن تجديدهم للتوبة، بمعنى لا يمكن إعادة معموديتهم، فهناك وسائل أخرى للتوبة غير المعمودية ..
معمودية التوبة التى للقديس يوحنا المعمدان تختلف عن معمودية السيد المسيح التى ننال بها التوبة وغفران الخطايا، وبها ننال أيضاً أشياء أخرى سوف نتحدث عنها مثل الولادة الجديدة من الله .. هناك بعض المبتدعين يعمدون بغطسة واحدة . وهذه المعمودية مرفوضة ولا تقبلها الكنيسة على الإطلاق .. والشخص المعمَّد بهذه الطريقة ينبغى أن يعمَّد بالطريقة الصحيحة الثلاثية كما أوضحنا . وكذلك يجب أن تكون المعمودية مقترنة بالاعتراف الحقيقى بالإيمان الأرثوذكسى المستقيم التى تتم بثلاث غطسات على اسم الثالوث الإله الواحد المثلث الأقانيم .. كما قال معلمنا بولس الرسول إن المعمودية هى معمودية واحدة "رب واحد، إيمان واحد، معمودية واحدة" ( أف4: 5 ) . فالرب واحد؛ الذى هو الآب والابن والروح القدس الإله الواحد .. والإيمان واحد؛ الذى هو الإيمان الأرثوذكسى المستقيم .. والمعمودية واحدة؛ التى نقولها فى قانون الإيمان }ونعترف بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا . وننتظر قيامة الأموات وحياة الدهر الآتى آمين{ .
سوف نورد الآن قصة من تاريخ الكنيسة تؤكد أن المعمودية هى معمودية واحدة لا تتكرر : يُذكر أنه فى عهد البابا بطرس خاتم الشهداء، أن أرادت زوجة أحد الوزراء فى أنطاكية أن تعمد ابنيها فى مصر . فأتت إلى مصر وبينما هى فى الطريق هاج البحر جداً، وكادت السفينة أن تغرق، فخافت الأم على ولديها أن يموتا غرقاً بدون عماد, فقامت بنفسها بعمادهما وهى فى السفينة على اسم الآب والابن والروح القدس - كانت من الممكن أن تعمدهم بأى ماء، أو حتى من لعاب فمها، أو بأى دم إذ أنها جرحت نفسها ورشمتهما بدمها- وعند وصولهم إلى الإسكندرية؛ وكان ذلك فى يوم أحد التناصير، وكان قداسة البابا بطرس خاتم الشهداء ( البطريرك السابع عشر ) هو الذى يقوم بالعماد فى الكنيسة، وعندما قام قداسته بعمادهما؛ لاحظ أنه فى كل مرة ينزل فيها أحد الطفلين إلى جرن المعمودية؛ يتجمد الماء . فتعجب قداسة البابا البطريرك؛ وسأل الأم عن قصتها ! فحكت له الأم ما حدث فى الطريق، وكيف قامت بعماد طفليها خوفاً عليهما من الغرق . فقال لها إن المعمودية لا تتكرر، ولم يعمدهما مرة أخرى . بل اكتفى برشمهما بسر المسحة المقدسة زيت الميرون المقدس . وهذه القصة توضح لنا أهمية وعظمة هذا السر، وأنها معمودية واحدة لا تتكرر ..
الكنيسة مدرسة للإيمان تُعلِّم الكنيسة الإيمان المسيحى للشعب فى أساسياته .. فبرشم علامة الصليب، تُعلِّمنا الكنيسة أن الصليب هو قوة الله للخلاص . وأنه باسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد . وأن السيد المسيح قد نزل من السماء وتجسد على الأرض ونقلنا من أصحاب اليسار إلى أصحاب اليمين . وبالمعمودية تُعلِّمنا الكنيسة أن الله واحد مثلث الأقانيم لأن المعمودية واحدة بثلاث غطسات .. لذلك فإن المعمودية الواحدة على اسم الآب والابن والروح القدس . وفى المعمودية ينطق الأب الكاهن الاسم الجديد للمعمد . فيقول عمدتك يا فلان… باسم الآب فى أول غطسة، والابن فى ثانى غطسة، والروح القدس فى ثالث غطسة .. فدائماً نقول {باسم الآب والابن والروح القدس} فالعماد على اسم الثالوث هو حسب النص الآتى "فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمّدوهم باسم الآب والابن والروح القدس" ( مت28: 19 ) . ويكون الاسم الجديد الذى يُقال فى وقت التغطيس، هو اسمه الذى يعيش به حياته بعد ذلك .. كما أنه من الممكن أن يُعمَّد باسمه الأصلى ويستمر كذلك . ففى أثناء الصلوات والرشومات؛ الرشم بزيت الغاليلاون قبل المعمودية، والرشم بالميرون بعد المعمودية .. كل رشم يكون على شكل صليب . فالكنيسة تُعلِّم أولادها أن الخلاص هو بالصليب وبالمعمودية التى على اسم الآب والابن والروح القدس .. ومعروف أن الذى صُلب على الصليب هو الابن المتجسد من أجل خلاصنا، كلمة الله المتجسد .. إذاً من خلال طقس المعمودية والاعتراف الذى يُقال بالإيمان، يُلقّن الشعب بكل مستوياته الإيمان المسيحى . وهكذا يعيش الإنسان طوال حياته يتذكر أن المعمودية ثلاث غطسات فى معمودية واحدة . لأن هذا هو إيمانه بالثالوث .
أهمية المعمودية للأطفال إن المعمودية هامة جداً بالنسبة للأطفال الصغار، وذلك خوفاً من عدم دخولهم ملكوت السماوات إذا لم يتم عمادهم قبل وفاتهم . فالطفل الذكر يتم عماده بعد أربعين يوماً، والبنت بعد ثمانين يوماً . إلا إذا تعرضت حياة هذا الطفل للخطر، ففى هذه الحالة تسمح الكنيسة بعماد هذا الطفل قبل الوقت المحدد وتكمل الأم المدة الباقية حسب الطقس . وأحياناً فى حالة الخطر الشديد يكتفى برشم الطفل المعمد على رأسه بالماء ثلاثة رشومات : باسم الآب والابن والروح القدس كل رشم باسم أحد الأقانيم الثلاثة؛ عند عدم وجود وقت لإعداد جرن المعمودية، أو إذا كانت حالة الطفل الصحية لا تسمح بالتغطيس فى الماء كأن يكون موضوعاً فى الحضّانة؛ وبذلك نستودعه فى يد الله الأمينة . بل وتسمح الكنيسة استثناءً بتعميده من قِبل أى إنسان أرثوذكسى؛ إذا لم يتواجد أى أب كاهن فى هذا الوقت، لكن لابد أن يتعمَّد بثلاث غطسات فى الماء ويقول له [ أعمدَّك يا فلان باسم الآب والابن والروح القدس ] .. وإذا لم يمُت هذا الطفل بعد ذلك، تحمله أسرته إلى الكنيسة ويقوم الأب الكاهن أو الأب الأسقف برشمه بزيت الميرون المقدس فقط، ويصلى عليه صلوات مِسحة الروح القدس، ولكن لا تعاد المعمودية لهذا الطفل على الإطلاق .. وتكون هذه حالات خاصة جداً ..
رموز المعمودية فى العهد القديم أولاً : فلك نوح والطوفان أمر الله نوح أن يبنى فلكاً . وذلك بسبب حدوث طوفان على وجه الأرض "فقال الله لنوح نهاية كل بشر قد أتت أمامى لأن الأرض امتلأت ظلماً منهم، فها أنا مهلكهم مع الأرض . اصنع لنفسك فلكاً من خشب جُفرٍ .. " ( تك6: 13، 14 ) . لقد استغرق بناء الفلك ما يقرب من 120 سنة . وفى أثناء هذه الفترة كان باقى الشعب يستهزئ بنوح لأنه يقوم ببناء سفينة الفلك على الأرض اليابسة حيث لا يوجد ماء من حوله . ولكن نوح كان له الإيمان بأن الخلاص سيتم بواسطة الفلك . وبالفعل دبر الله الطوفان ولم ينجُ منه غير نوح وامرأته وأولاده الثلاث بزوجاتهم؛ أى ثمانى أنفس فقط هم الذين خلصوا . لقد كان الطوفان رمزاً للخلاص بالمعمودية وهو أمر لا يقبل المساومة عند الله . "وكان الطوفان أربعين يوماً على الأرض . وتكاثرت المياه ورفعت الفلك . فارتفع عن الأرض .. فمات كل ذى جسد كان يدب على الأرض" ( تك7: 17-21 ) . وأخذ نوح من الحيوانات الطاهرة سبعة أزواج لكى يقدم منها ذبائح للرب، ومن الحيوانات الغير طاهرة زوجاً واحداً لكى يجدد الحياة مرة أخرى على الأرض "ومن البهائم الطاهرة والبهائم التى ليست بطاهرة . ومن الطيور وكل ما يدب على الأرض . دخل اثنان اثنان إلى نوح إلى الفلك ذكراً وأنثى كما أمر الله نوحاً" ( تك7: 8، 9 ) . لقد كانت جميع الحيوانات تطيع نوح لأن الروح القدس كان قد أعطاه –كنبىٍ- القوة والحكمة، وكيفية التصرف، كما أعطاه سلطاناً على هذه الكائنات . أما الأشرار الذين لم يقبلوا كرازة نوح فإنهم لم يخلصوا من الطوفان . وقد ربط معلمنا بطرس الرسول بين الفلك والمعمودية وقال : "فى أيام نوح إذ كان الفلك يبنى الذى فيه خلص قليلون أى ثمانى أنفس بالماء، الذى مثاله يخلصنا نحن الآن أى المعمودية" ( 1بط3: 20، 21 ) . وعندما أراد نوح أن يعرف إن كانت الحياة قد بدأت تدب على الأرض مرة أخرى أم لا، أرسل حمامة فعادت ومعها غصن زيتون إشارة بأن الحياة قد بدأت تعود مرة أخرى على الأرض . فاستطاع نوح وأسرته بالإيمان أن يعبروا فى الطوفان دون أن يموتوا، فخرج من داخل الموت؛ حياة .. وهذه هى فلسفة المعمودية أو معنى المعمودية .. لذلك شرح قداسة البابا شنودة الثالث فى كتاب "اللاهوت المقارن" إن المعمودية لازمة للخلاص لأنها شركة فى موت المسيح .. لأنها إيمان بالموت كوسيلة للحياة .. واعتراف بأن أجرة الخطية هى موت؛ فالإنسان يدفن بالمعمودية لكى يبدأ حياة جديدة .. أى يُدفن الإنسان العتيق بالمعمودية، ويخرج الإنسان الجديد . uففلك نوح كان رمزاً لجسد يسوع المسيح . . وبتقديم جسد يسوع ذبيحة على الصليب؛ خلصنا نحن من طوفان بحر العالم، ومن الهلاك الأبدى . uوالحمامة التى دخلت الفلك من الطاقة، هى مثل الروح القدس الذى استقر بهيئة جسمية مثل حمامة على رأس السيد المسيح فى مياه نهر الأردن . uوغصن الزيتون يرمز إلى زيت الزيتون، وزيت الزيتون هو الذى يستخدم فى المسحة المقدسة فى الميرون .. يُرشم المعمد بزيت الميرون المقدس الذى فيه مسحة الروح القدس بعد العماد، وبذلك يكون ممسوحاً بالروح القدس، ولذلك يدعى "مسيحياً" .. فلقب "إنسان مسيحى" يقترن بفكرة إنه قد تعمد ومُسح بالمسحة المقدسة، وأيضاً نسبة إلى السيد المسيح الذى هو مسيح الرب الذى مُسح من أجل إتمام الفداء .. وبهذا نرى أن الطوفان يرمز للمعمودية، والحمامة حاملة غصن الزيتون ترمز إلى سر الميرون الذى يعقب المعمودية .
ثانياً : عبور بنى إسرائيل البحر الأحمر تعقب فرعون بنى إسرائيل عند خروجهم من مصر، وقد أراد الله أن ينقذهم من العبودية . فقال لهم موسى "لا تخافوا قفوا وانظروا خلاص الرب الذى يصنعه لكم اليوم .. الرب يقاتل عنكم وأنتم تصمتون" ( خر14: 13، 14 ) . وشق موسى البحر الأحمر بعصاه وأصبح الماء كسورٍ عن اليمين وعن اليسار، وعبر الشعب فى الوسط . لقد كان عبور الشعب هو اختبار لإيمانهم . فكان من الممكن أن يخافوا، أو يقولوا خير لنا أن نقع أسرى من أن نموت عندما ينطبق علينا الماء الواقف مثل السور العالى . لذلك كان هذا اختباراً لإيمانهم فى أن يقبلوا الموت بدخولهم إلى الماء لكى يحيوا عند خروجهم منه .. وهذه هى فلفسة المعمودية التى هى قبول الإنسان للموت ليستطيع أن يحيا . ويقول معلمنا بولس الرسول "فإنى لست أريد أيها الإخوة أن تجهلوا أن آباءنا جميعهم كانوا تحت السحابة وجميعهم اجتازوا فى البحر . وجميعهم اعتمدوا لموسى فى السحابة وفى البحر" ( 1كو10: 1، 2 ) .. "اعتمدوا لموسى" بمعنى أنهم قبِلوا الأمر الإلهى على فم موسى النبى وآمنوا بإيمان موسى؛ أى أنهم قبِلوا كلام موسى بأن "الرب يقاتل عنكم وأنتم تصمتون" .. و"اعتمدوا .. فى البحر" أى أن عبور البحر الأحمر كان رمزاً للمعمودية .. لذلك من الممكن أن يسمى هذا العبور "معمودية موسى"، مثلما نقول "معمودية يوحنا المعمدان" عندما كان يعمّد الجماهير للتوبة . أما معمودية السيد المسيح فهى المعمودية المسيحية التى تتم على اسم الآب والابن والروح القدس، والتى يدخل بها الإنسان إلى ملكوت السماوات إن عاش فى حياة القداسة باعتباره مولوداً من الله . فيعيش بقوة الولادة الجديدة وقوة الروح القدس، وبالثبات فى المسيح بممارسة التوبة والاعتراف والتناول من جسد الرب ودمه .
ثالثاً : دخول يشوع أرض الميعاد
عند دخول يشوع بن نون أرض الميعاد؛ أمره الله أن يجعل الكهنة يحملون تابوت العهد، وينفخون فى الأبواق . وعند لمس الكهنة مياه الأردن بأرجلهم تنشق المياه . وهذا ما حدث بالفعل .. وعند عبور آخر واحد من الشعب حيث خرج الكهنة من الماء؛ عاد الماء إلى مكانه . وقد أخذ يشوع من قاع النهر اثنى عشر حجراً على أسماء أسباط إسرائيل الاثنا عشر، وبنى مذبحاً للرب، وقدم ذبيحة ( انظر يش3، 4 ) .. ثم بدأ يشوع يختن الشعب فى الجلجال لأن الشعب لم يكن قد ختن طوال فترة وجوده فى البرية وفى أرض مصر . كلمة "جلجال" تعنى "يدحرج" أى أن الله قد دحرج عار عبودية فرعون عن شعبه فى أرض مصر، حينما لم يستطيعوا تنفيذ شريعة الختان . ونلاحظ هنا أن عبور نهر الأردن لكى يصلوا إلى أرض الميعاد قد اقترن بالختان، وبذلك ارتبط الختان بالمعمودية . سر انشقاق ماء نهر الأردن؛ هو نزول الكهنة فى الماء حاملين تابوت عهد الله . كما تتم المعمودية بواسطة كهنة العهد الجديد، والسيد المسيح الذى يُرمز إليه بتابوت العهد هو نفسه السبب فى إتمام الخلاص بالمعمودية . ولذلك قد نزل السيد المسيح نفسه إلى مياه نهر الأردن لكى يعتمد، ولكن قد انشقت السماء بدلاً من انشقاق مياه نهر الأردن . فالسيد المسيح قد شق لنا السماء لكى نصل إلى ملكوت السماوات، مثلما جعل مياه الأردن تنشق فى عهد يشوع بن نون لكى يصل الشعب إلى أرض الميعاد .. فكان عبور شعب إسرائيل لنهر الأردن رمزاً للمعمودية، وكان رمزاً أيضاً لعماد السيد المسيح شخصياً فى الأردن . فى العبور قديماً عبر شعب إسرائيل من الضفة الشرقية إلى الضفة الغربية للنهر، والسيد المسيح يجعلنا نعبر من الأرض إلى ملكوت السماوات . فكما نزل الكهنة مع تابوت عهد الله -الذى يرمز إلى السيد المسيح- إلى مياه نهر الأردن، كذلك نزل يوحنا المعمدان بن زكريا الكاهن -من الكهنوت الهارونى- مع السيد المسيح إلى نفس مياه نهر الأردن لكى يعمده .. ولكن هنا تابوت العهد الحقيقى هو السيد المسيح نفسه، والروح القدس هو الذى حل على هيئة حمامة .. فالسيد المسيح هو تابوت العهد .
مدفونين معه بالمعمودية
إن الإنسان بقبوله الموت يحيا . وهذه هى فلسفة المعمودية "فدفنا معه بالمعمودية للموت حتى كما أُقيم المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن أيضاً فى جدة الحياة" ( رو6: 4 ) . بقبول الأم دفن ابنها أمامها فى جرن المعمودية؛ تجعله يعبر من الموت إلى الحياة، ومن الإنسان العتيق إلى الإنسان الجديد . وبذلك يكون ابناً لله، وعضواً فى جسد السيد المسيح، ويتحد معه . فكما أن السيد المسيح كان فى القبر ثلاثة أيام كذلك تتم المعمودية بثلاث غطسات، هى بالطبع ثلاث غطسات على اسم الثالوث، لكن هذا إلى جوار أن المعمودية هى دفن وقيامة مع المسيح . وقد ارتبط دفن السيد المسيح وقيامته برقم ثلاثة .
اليوم الأول واليوم الثامن قديماً كان الطفل يختن فى اليوم الثامن لولادته، أى اليوم الأول من الأسبوع الجديد .. عدد أيام الأسبوع سبعة، كلمة "أحد" تعنى "واحد" أى اليوم الأول فى الأسبوع، كلمة "اثنين" تعنى اليوم الثانى . وكلمة "ثلاثاء" أى اليوم الثالث .. وهكذا إلى أن نصل نهاية الأسبوع ثم نبدأ الأسبوع التالى بيوم الأحد .. إذاً يوم الأحد هو اليوم الأول للأسبوع الجديد، وفى نفس الوقت هو اليوم الثامن من بداية الأسبوع الأول . فكان الطفل فى القديم يختتن فى اليوم الثامن أو الأول فى الأسبوع الجديد ( أنظر لا12: 3 ) ، والسيد المسيح قد قام فى فجر الأحد أى أن قيامته كانت فى اليوم الثامن أو الأول من الأسبوع الجديد . بل أيضاً كان ختان السيد المسيح فى اليوم الثامن . وكذلك خلص فى الفلك ثمانى أنفس .. فرقم ثمانية مرتبط بالخلاص، مرتبط بالقيامة، يرمز للحياة الجديدة فى المسيح .. يرمز لتجديد الحياة مرة أخرى .
لا أحيا أنا بل المسيح يحيا فىَّ عندما يعمَّد الإنسان، يتحد مع المسيح فى قيامته من الأموات؛ يقول معلمنا بولس الرسول "إن كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته، نصير أيضاً بقيامته . عالمين هذا أن إنساننا العتيق قد صُلب معه ليُبطل جسد الخطية كى لا نعود نُستعبد أيضاً للخطية" ( رو6: 5، 6 ) . أى أن شركة الموت مع المسيح فى المعمودية هامة جداً وذلك لأن نتيجتها هى صلب الإنسان العتيق ويقول أيضاً معلمنا بولس الرسول "احسبوا أنفسكم أمواتاً عن الخطية، ولكن أحياءً لله بالمسيح يسوع ربنا" ( رو6: 11 ) .. وأيضاً "ونحن أموات بالخطايا أحيانا مع المسيح، بالنعمة أنتم مخَلَّصون" ( أف2: 5 ) فالإنسان الميت لا يستطيع أن يخطئ .. "الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات" ( غل5: 24 ) . لقد اشترانا السيد المسيح بدمه فصرنا ملكاً له، لذلك قال معلمنا بولس الرسول "مع المسيح صُلبت فأحيا لا أنا ( أى الإنسان العتيق ) بل المسيح يحيا فىَّ . فما أحياه الآن فى الجسد، فإنما أحياه فى الإيمان، إيمان ابن الله الذى أحبنى وأسلم نفسه لأجلى" ( غل2: 20 ) . فالإنسان العتيق قد دُفن وصُلب فى المعمودية، والذى يحيا الآن هو الإنسان الجديد الذى اشتراه المسيح، وهو بكامله مِلك للسيد المسيح، فقد أعطانا السيد المسيح حياته على الصليب، ووهب حياته لأجلنا لكى نحيا نحن بهذه الحياة الجديدة الموهوبة لنا "أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذى فيكم الذى لكم من الله وأنكم لستم لأنفسكم . لأنكم قد اشتريتم بثمن فمجدوا الله فى أجسادكم وفى أرواحكم التى هى لله" ( 1كو6: 19، 20 ) .. "وهو مات لأجل الجميع كى يعيش الأحياء فيما بعد لا لأنفسهم بل للذى مات لأجلهم وقام" ( 2كو5: 15 ) . وفى المعمودية قد لبسنا المسيح كقول معلمنا بولس الرسول "لأن كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح" ( غل3: 27 ) لبسنا بر المسيح، لبسنا الصورة الإلهية التى كنا قد فقدناها بالخطية الأولى ..
المسيح يؤسس سر المعمودية
الذى أسس سر المعمودية هو السيد المسيح بنفسه . فقد نزل إلى الماء، وسحق رأس التنين وأعطى للماء قوة الولادة الجديدة .. فبمعموديته شخصياً، قد رسم لنا سر المعمودية كطريق للخلاص .. وصوت الآب الذى جاء من السماوات قائلاً "هذا هو ابنى الحبيب الذى به سررت" ( مت3: 17 ) بمعنى أن المعمودية هى الطريق الذى به ننال البنوة لله والولادة الجديدة .. فإعلان الآب عن بنوة السيد المسيح له، قد اقترن بتأسيس سر المعمودية .. فقد رسم لنا السيد المسيح الطريق لكى نصل إلى الولادة الجديدة . بمعمودية السيد المسيح فى نهر الأردن قد ظهر الثالوث مثلما يقول الأطفال فى الترنيمة }الآب صوته إحنا سمعناه، والابن غطس فى المياه، والروح زى حمامة شفناه . ثالوث فى واحد هو الله{ .. ونعتبر أن عيد الغطاس هو عيد الظهور الإلهى لأنه لأول مرة يظهر الثالوث بهذا الوضوح بشهادة يوحنا المعمدان .
فاعلية المعمودية
بها يتم الخلاص، وبها يتم الميلاد الثانى من الماء والروح .. وبها غسل من الخطايا ومغفرة الخطايا .. وبها موت مع المسيح وقيامة معه .. وبها عملية تجديد .. وبها نلبس المسيح .. كما أنها انضمام لعضوية الكنيسة مثلماكان الختان هو انضمام لعضوية شعب الله . وقد ربط معلمنا بولس الرسول الختان بالمعمودية وقال "وبه أيضاً ختنتم ختاناً غير مصنوع بيد بخلع جسم خطايا البشرية بختان المسيح . مدفونين معه فى المعمودية التى فيها أقمتم أيضاً معه بإيمان عمل الله الذى أقامه من الأموات" ( كو2: 11، 12 ) . وقد وضع السيد المسيح المعمودية شرطاً لدخول ملكوت السماوات فقال لنيقوديموس "الحق الحق أقول لك إن كان أحد لا يولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله" ( يو3: 3 ) . وأيضاً قال "الحق الحق أقول لك إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله" ( يو3: 5 ) . وأيضاً شرح القديس بولس الرسول أن الخلاص هو بالمعمودية فقال "لا بأعمال فى بر عملناها نحن بل بمقتضى رحمته خلصنا بغسل الميلاد الثانى وتجديد الروح القدس" ( تى3: 5 ) إذن يتم الخلاص بغسل الميلاد الثانى وتجديد الروح القدس وهذا هو ما يتم فى المعمودية . وبالنسبة لغفران الخطايا فقد قال معلمنا بطرس الرسول للجموع فى يوم الخمسين : "توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا فتقبلوا عطية الروح القدس" ( أع2: 38 ) . يتساءل البعض : هل المعمودية على اسم "المسيح" فقط كما ذُكر فى هذه الآية ؟ أم على اسم "الآب والابن والروح القدس" ؟ والإجابة؛ أن المعمودية التى على اسم "المسيح" هى التى أوصى بها السيد المسيح وقال : "عمّدوهم باسم الآب والابن والروح القدس" ( مت28: 19 ) فلا يوجد تفرقة بين التسميتين .. فالمعمودية التى على اسم "المسيح" تتم بناءً على وصية السيد المسيح بأن تتم على اسم الثالوث "الآب والابن ( يسوع المسيح ) والروح القدس" فتكون المعمودية تلقائياً على اسم المسيح .
قصة تدل على فاعلية المعمودية حدثت فى هذا الجيل قصة تُظهر لنا قوة وفاعلية المعمودية؛ إحدى الطبيبات من دمياط، وهى الآن راهبة بدير الأمير تادرس . تدربت شهرين بعد تخرجها خلال سنة الامتياز سنة 1981م بمعهد السرطان بفُم الخليج . وكان هناك طفل عمره حوالى اثنتى عشرة سنة، وكان مريضاً بسرطان الدم، وكانت نسبة السرطان فى بدء دخول الطفل 80% وبدأت النسبة تزداد حتى وصلت إلى 90%، ثم أثبتت التحاليل حدوث زيادة أكثر من ذلك . وكانت هذه الطبيبة فى ذلك الوقت خادمة فى كنيسة العذراء بجاردن سيتى . وبدأت هذه الطبيبة تحكى لأسرة الصبى المريض عن قوة وفاعلية المعمودية والتناول من الأسرار المقدسة إذ كانت هذه الأسرة بروتستانتية . وظلت تتحدث معهم حتى شعروا بالاشتياق لسر العماد المقدس، وقالت لهم لابد من عماد الولد ليستطيع التناول من جسد الرب ودمه لكى يشفيه الرب . فوافق كل أفراد الأسرة وقرروا أن يعتمدوا كلهم، وكان سن الصبى آنذاك 12 سنة . وأبلغت هذه الخادمة قداسة البابا شنودة الثالث بالأمر، وبالفعل قام قداسته بعماد هذه الأسرة جميعها بنفسه ثم تناولوا من الأسرار المقدسة . وقد صلى قداسة البابا لهذا الطفل المريض ثم بعد ذلك عاد الولد إلى معهد السرطان بفم الخليج وقد أُعيد إجراء التحاليل له مباشرةً بعد العماد؛ وكانت المفاجأة أن نتيجة التحاليل صفر% وذلك ببركة العماد المقدس، وبركة صلوات قداسة البابا شنودة الثالث، لأنه من المحال -حتى ولو بعد العلاج إن كان هناك إمكانية للشفاء- أن تنخفض نسبة التحاليل من أعلى من 90% إلى صفر% فجأة بدون أى تدرج، وكان بالمعهد فى هذا الوقت أطفالاً قد ماتوا بنفس هذا المرض .. هذا يعطينا فكرة عن البركة التى يعطيها الرب على يد قداسة البابا شنودة الثالث أطال الرب حياته من خلال الإيمان بفاعلية سر المعمودية .. إيمان قداسة البابا شنودة الثالث .. إيمان الطبيبة .. إيمان الصبى .. إيمان الأسرة كلها . هذا يرينا أن المعمودية ليست فقط لشفاء الروح وشفاء الإنسان من الخطية، بل لشفاء الجسد أيضاً .. وهذا نراه فى قصة المولود أعمى عندما قال له السيد المسيح "اذهب اغتسل فى بركة سلوام ( رمز للمعمودية ) الذى تفسيره مرسل فمضى واغتسل وأتى بصيراً" ( يو9: 7 ) .. فالاستنارة الروحية كان يرمز لها شفاء العينين من العمى .. إذن تعطى المعمودية استنارة؛ وبهذه الاستنارة يستطيع الإنسان أن يرى الملكوت . لذلك تشدد الكنيسة فى تعميد الطفل صغيراً . وهذا يؤكد لنا إن كان هناك إنسان مريض بالفعل فإنه يُشفى بالعماد . بل ونحن نطلب وقت العماد أن يُبطِل الرب كل سِحر، وكل تعزيم، وكل رُقية، ويطرد كل الشياطين المتواجدة فى الماء أو فى المعمَّد . ولكن إذا مرض الإنسان بعد المعمودية لا يمكن رشمه بماء المعمودية لأن المعمودية لا تُعاد . ولكن يوجد سر آخر وهو سر مسحة المرضى، وهذا السِر هو لشفاء الإنسان المعمَّد . أما الإنسان الغير معمّد إذا آمن بالمسيح ونال سر المعمودية المقدس؛ فلا يلزمه سر مسحة المرضى لشفائه لأن سر العماد نفسه يكون شفاءً له .. وكذلك أيضاً عندما يأتى الإنسان للعماد يعترف بخطاياه أولاً أمام الأب الكاهن أو الأب الأسقف الذى سوف يقوم بعماده .. يصلى الأب الكاهن أو الأب الأسقف التحاليل أثناء صلوات المعمودية نفسها، وبذلك يكون سر الاعتراف متضَمناً داخل سر المعمودية . فلا يلزمه أن يمارس سر الاعتراف كسر قائم بذاته، ويستطيع أن ينال الأسرار المقدسة مباشرة بعد المعمودية بدون الاحتياج لممارسة سر الاعتراف حيث إن الاعتراف قد مورِس داخل سر المعمودية، فيتم بالمعمودية نفسها الاعتراف والحِل من الخطايا . لكن إذا أخطأ بعد العماد لابد من ممارسة سر الاعتراف كسر قائم بذاته وذلك لأخذ الحل والتصريح بالتناول .
العماد عند البروتستانت لا يؤمن البروتستانت أن المعمودية لازمة للخلاص، بل يعتبرونها مجرد علامة للإيمان أو فريضة، ويعتبرون أن الخلاص هو بالإيمان وحده مستشهدين بالآية التى قالها معلمنا بولس الرسول لسجان فيلبى عندما أراد أن يقتل نفسه ظناً منه أن المسجونين قد هربوا "آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص أنت وأهل بيتك" ( أع16: 31 ) ولكن هذه الآية كانت لها قصتها؛ حيث إن السجان كان يريد أن يقتل نفسه، فطلب منه معلمنا بولس الرسول أن يؤمن لكى ينجو من الخطر الذى يهدده؛ هذا من ناحية . ومن ناحية أخرى؛ هذه القصة كانت لها تكملة، وهى أنه بعد أن آمن؛ قد اعتمد هو وكل أهل بيته كنتيجة لهذا الإيمان "واعتمد فى الحال هو والذين له أجمعون" ( أع16: 33 ) إذن كان لابد من المعمودية .. لم يكتفِ معلمنا بولس الرسول بإيمان السجان فقطكما يدّعون حيث لم يرِد فى الآية شئ عن المعمودية، بل ذُكِر فقط كلمة "آمن"، لذلك قد قام معلمنا بولس بعماد سجان فيلبى .. فالإيمان يفتح لنا الباب لأخذ البركات والخيرات السماوية . لذلك فإن الآية التى يستشهد البروتستانت بها لم تكن بالمعنى الذى يفسرونه أن معلمنا بولس الرسول طلب الإيمان فقط . لا نستطيع الاعتراف بمعمودية البروتستانت، لأن معلمنا بولس الرسول قد قال "رب واحد إيمان واحد معمودية واحدة" ( أف4: 5 ) فالرب واحد الذى نؤمن به، وهو الإله الواحد المثلث الأقانيم .. على الرغم أن البروتستانت يؤمنون بالرب يسوع المسيح مثلنا، لكن إيمانهم بباقى الأسرار الكنسية وبأمور أخرى كثيرة تتعلق بالإيمان يختلف عن إيماننا فالإيمان هنا مختلف . وبذلك لا تنطبق آية "رب واحد، إيمان واحد، معمودية واحدة" بالكامل .. لأنه كيف يؤمنون بمعمودية واحدة وهم لا يؤمنون بسر الكهنوت أصلاً، والكاهن هو المسموح له بالتعميد ؟ ! . وكيف تكون معمودية واحدة، وهى ليست على أساس الإيمان الواحد ؟ ! فلا يمكن أن تكون المعمودية واحدة إلا إذا كان الإيمان واحد .. فإيمانهم فى سر العماد نفسه، وإيمانهم فى المعمودية فى حد ذاتها، مختلف عن إيماننا .. فكيف يعتمد أحد وهو لا يؤمن أن المعمودية هى شرط ضرورى لخلاصه ؟ ! بل مجرد شئ شكلى، أو لإتمام فريضة، أو لمجرد إعلان الإيمان فقط .. فكيف ينال الولادة الجديدة، الميلاد الفوقانى بواسطة الماء والروح الذى قال عنه السيد المسيح "إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله" ( يو3: 5 ) ؟ ! ومن قصة الطفل المريض بسرطان الدم التى قد ذكرناها فى الصفحات السابقة؛ نرى أنه من خلال معمودية أرثوذكسية فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية؛ قد أعلن الله قدرته على شفاء المريض بعمل إعجازى ليس له مثيل .. فلم يُسمع مطلقاً عن إنسان مريض بسرطان الدم أن يشفى بهذه الصورة الفجائية إلاّ بمعجزة؛ سواء بسر مسحة المرضى أو بمعموديته . وهذا يدل على أن معمودية الطفل السابقة بالكنيسة البروتستانتية، لم تكن بحسب إرادة الله .
المعمودية هى المدخل المعمودية هى المدخل لباقى أسرار الكنيسة، فهى الباب الذى يبدأ به الإنسان الدخول إلى الكنيسة .. وكنيستنا بها سبعة أسرار مقدسة : سر المعمودية، وسر الميرون، وسر الاعتراف، وسر التناول من جسد الرب ودمه، وسر مسحة المرضى، وسر الزيجة، وسر الكهنوت؛ فلا يمكن أن يمارس أى سر من هذه الأسرار الكنسية إلا عن طريق الدخول بالمعمودية التى تعطينا الحق أن ننال سر المسحة بالميرون .. وأن نمارس سر الاعتراف .. وأن نتناول من جسد الرب ودمه .. وننال سر مسحة المرضى .. وسر الزواج .. وسر الكهنوت .. من الممكن أن يُرسم الإنسان كاهناً بعد أن ينال سر الزواج لأنه قد سبق وأخذ الكهنوت المعنوى العام عن طريق المعمودية الذى يقدر به كل إنسان أن يقول "لتستقم صلاتى كالبخور قدامك، ليكن رفع يدى كذبيحة مسائية" ( مز140: 2 ) ( من مزامير صلاة النوم بالأجبية ) .. لكن هناك الكهنوت الخاص الذى يقول فيه بولس الرسول "هكذا فليحسبنا الإنسان كخدام للمسيح، ووكلاء سرائر الله" ( 1كو4: 1 ) هذا هو الكهنوت الخاص الرسمى : خدام المسيح، ووكلاء أسرار الله . ثم يقول معلمنا بولس الرسول أيضاً عن نفسه "حتى أكون خادماً ليسوع المسيح لأجل الأمم مباشراً لإنجيل الله ككاهن ليكون قربان الأمم مقبولاً مقدساً بالروح القدس" ( رو15: 16 ) .. ولأن المعمودية هى شرط دخول ملكوت السماوات، فعندما أرسل السيد المسيح تلاميذه ليكرزوا بقيامته من الأموات، أرسلهم لكى يعمِّدوا وقال لهم : "اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس" ( مت28: 19 ) .. "اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها . من آمن واعتمد خَلَصَ .. " ( مر16: 15، 16 ) .. إذن لا يخدع أحد نفسه بأنه من الممكن أن يدخل ملكوت السماوات بدون سر المعمودية . حتى إذا كان طفلاً صغيراً وإلا كيف تُغفر الخطية الجدية إن لم تتم معمودية الأطفال ؟ ! لقد حدث خلاف بين القديس جيروم والقديس أوغسطينوس حول أصل النفس ( أى الروح الإنسانية ) ، وهل هى مولودة أم مخلوقة ؟ يقول القديس أوغسطينوس إنها مولودة مع الإنسان، ويقول القديس جيروم إنها مخلوقة .. قال القديس أوغسطينوس للقديس جيروم؛ إن كانت مخلوقة فهى لم ترث خطية آدم، فلماذا إذن نعمّد الأطفال ؟ ! لم يجد القديس جيروم إجابة على هذا السؤال .. [ من كتاب "اللاهوت المقارن" لقداسة البابا شنودة الثالث ] .
المعمودية هى الاستنارة المعمودية هى الاستنارة لمعاينة ملكوت الله . ويؤكد قداسة البابا شنودة الثالث إيمان الكنيسة بأن الإنسان يرث الخطية الأصلية عند ولادته كطفل . لذلك لابد أن يُعمد الأطفال، فلا يستطيع الطفل أن يعاين ملكوت السماوات إن لم يولد من فوق؛ ولا حتى مجرد الرؤية، وهذا هو ما قاله السيد المسيح لنيقوديموس "الحق الحق أقول لك إن كان أحد لا يولد من فوق، لا يقدر أن يرى ملكوت الله" ( يو3: 3 ) ، وعندما سأله نيقوديموس كيف يمكن للإنسان أن يولد وهو شيخ ؟ شرح له السيد المسيح المقصود بالولادة هى : الولادة بالماء والروح "إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله" ( يو3: 5 ) . لأنه فى المعمودية ينال الإنسان الطبيعة الجديدة، فالأعين العمياء التى كانت للمولود أعمى قد تم فتحهما بالطبيعة الجديدة التى نالها .. لذلك تقرأ الكنيسة قصة المولود أعمى فى أحد التناصير .. فكل إنسان يولد أعمى ولا يقدر أن يرى ملكوت الله، أما بعد عماده تنفتح عيناه لأن المعمودية فيها استنارة .. فعندما قال السيد المسيح للمولود أعمى "اذهب اغتسل فى بركة سلوام ( التى ترمز للمعمودية ) .. مضى واغتسل وأتى بصيراً" ( يو9: 7 ) وكان هذا البصر رمزاً للاستنارة الروحية التى بها بدأ هذا الإنسان يشهد للسيد المسيح، وبهذه الاستنارة الروحية التى فى المعمودية يستطيع الإنسان أن يرى الملكوت . فإن كان الإنسان صغيراً أو كبيراً، ولو فرضاً دخل الملكوت، لن يعاين شيئاً، لا يستطيع أن يرى الأمور الروحية والمجد الإلهى المحيط بعرش الله بدون معمودية .. لذلك تتشدد الكنيسة جداً فى أهمية عماد الطفل وهو صغير لئلاّ يموت قبل أن يعمَّد .
المعمودية هى اغتسال بالمعمودية يغتسل الجسد من القذر الذى حوله وتغتسل الروح أيضاً ويتنقى الإنسان من الداخل ومن الخارج . فإن كان الماء هو الوسط المنظور الذى نراه؛ لكن الروح القدس يعمل بصورة غير منظورة بدون أن نراه داخل المعمودية؛ يغسل النفس والروح من الخطية الجدية وكل الخطايا الفعلية التى صنعها الإنسان قبل عماده . وبذلك يكون الإنسان مولوداً من فوق، مولوداً من الله، ومعه السلطان أن ينتصر على إبليس بقوة الصليب المحيى .. ولإلهنا المجد الدائم إلى الأبد آمين | |
|
ادارة المنتدي ادارة المنتدي مسئول التصميمات
رقم العضو : 1 الجنس : تاريخ التسجيل : 02/10/2010 تاريخ الميلاد : 11/09/1992 عدد المساهمات : 804 نقاط : 5166495 السٌّمعَة : 16 العمر : 32
| موضوع: سلسلة محاضرات تبسيط الايمان للانبا بيشوى ( 5 ) الأحد 10 أبريل 2011 - 5:07 | |
| سلسلة محاضرات تبسيط الإيمان الأنبا بيشوى 5- الرد على الأدفنتست السبتيين
تأثير حركة البروتستانت
بدأت حركة البروتستانت بواسطة مارتن لوثر فى القرن السادس عشر الميلادى وكان لها تأثيرها على المسيحية فى العالم .
بدأ مارتن لوثر حركته كنوع من الإصلاح أمام سلطة الكنيسة الكاثوليكية وبعض تعاليمها وممارستها . ولكن بدلاً من أن يتجه إلى الكنائس الشرقية الأرثوذكسية، اتجه إلى إلغاء العديد من عقائد الكنيسة وأسرارها وسلطة الكنيسة فى التعليم .. فكان رد الفعل مضاد للسلطة البابوية ولعقيدة عصمة البابا التى قاومتها الحركة البروتستانتية .
وكنتيجة لإطلاق حرية التعليم وللتحرر التام من التقليد الكنسى -على الرغم من أن التقليد الكنسى هو الذى حافظ على الكتاب المقدس- كانت النتيجة هى بدء ظهور طوائف بروتستانتية كثيرة ومتعددة مثل : المشيخيين، والرسوليين، والمعمدانيين، والميثوديست، والخمسينيين .. وهكذا يحتار الإنسان فى هوية البروتستانت .. ظهر أيضاً البلاميس الذين يسمون أنفسهم بالإخوة .. حتى أن عدد الكنائس البروتستانتية المستقلة فى العالم ربما يكون وصل حالياً إلى ستمائة ( 600 ) كنيسة . لكن تزداد الخطورة عندما تتفرع عنهم طوائف -البروتستانت أنفسهم يشعرون بأنها غير مسيحية- مثل شهود يهوه مثلا . ً .
بدعة شهود يهوه وبدعة السبتيين تتلمذ شارل تاز راصل مؤسس بدعة شهود يهوه على بدعة أخرى وهى بدعة السبتيين التى ظهرت بصورة علانية فى الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1831م .. وبدأت حركة شهود يهوه سنة 1876م بواسطة شخص تتلمذ على السبتيين .. والسبتيين تتلمذوا أولاً على المعمدانيين وعلى الميثوديست البروتستانت .. لكن عدم وجود سلطة للتعليم فى الكنيسة، تجعل هناك إمكانية أن أحد المعمدانيين يدرِس بمفرده بفكره الخاص إلى أن يخرج برأى جديد يكوّن بواسطته طائفة جديدة مثلما حدث مع وليم ميللر مؤسس بدعة الأدفنتست السبتيين . جماعة شهود يهوه ينكرون ألوهية السيد المسيح وينكرون عقيدة الإله الواحد المثلث الأقانيم .. ويرفضون الاعتقاد بأن الابن والروح القدس مساوين للآب فى المجد والربوبية والملك، وأن كل واحد منهم له نفس الجوهر الواحد الذى للآب . اعتنق شهود يهوه كل عقائد السبتيين تقريباً وأضافوا إليها عقائد أخرى مثل إنكار ألوهية السيد المسيح وإنكار ألوهية الروح القدس . المجمع المقدس لكنيستنا القبطية الأرثوذكسية برئاسة صاحب القداسة البابا شنودة الثالث قرر رسمياً فى جلسته المنعقدة فى يوم السبت 17 يونيو سنة 1989م اعتبار أن طائفتى شهود يهوه والسبتيين هما طوائف غير مسيحية، لا نعترف بهما كمسيحيين، وحذّر المجمع المقدس من حضور اجتماعاتهما، أو دخولهما إلى بيوت الأقباط الأرثوذكس مثل سائر الهراطقة والمبتدعين .. عملت طائفة شهود يهوه ترجمة خاصة بها للكتاب المقدس اسمها "ترجمة العالم الحديث" نحن لا نعترف بصحة هذه الترجمة لأنهم حاولوا تحريف الكثير من العهد القديم والعهد الجديد .. ولذلك أيضاً حذّر المجمع المقدس من الاعتراف بهذه الترجمة الخاصة بطائفة شهود يهوه . سنحاول عرض بدعة السبتيين كمثال للنتائج التى من الممكن أن تتسبب فيها العقائد والمبادئ البروتستانتية . ونحذّر شعبنا من اعتناق المذهب البروتستانتى لأن السيد المسيح قال : "من ثمارهم تعرفونهم" ( مت7: 16 ،20 ) .
التصدّى للبدعة الأريوسية عاشت كنيستنا أكثر من 1900 سنة ولم يخرج منها هراطقة ومبتدعين يكوِّنون كنائس .. عندما نادى أريوس ببدعته وهو قس من الاسكندرية، تصدت له الكنيسة فى الاسكندرية وحكمت عليه عندما أنكر ألوهية السيد المسيح . ولما لجأ إلى قيصرية فى الشرق؛ ظلت كنيستنا تحاصر البدعة التى نادى بها وتكافح من أجل إنهائها تماماً .. وحكم عليه فى مجمع كنيسة الاسكندرية سنة 318م، ثم حُكم عليه فى مجمع نيقية المسكونى سنة 325م وحُرِّمت تعاليمه، وظل القديس البابا أثناسيوس الرسولى بابا الاسكندرية بعدها يعمل بكل طاقته ويحتمل الكثير طوال مدة جلوسه على الكرسى، بما فى ذلك سنى النفى الطويلة التى قضاها بعيداً عن كرسيه . واستمر كفاح الكنائس التى اعتنقت مبادئ القديس أثناسيوس حتى تم حسم الأمر نهائياً بالنسبة للبدعة الأريوسية فى المجمع المسكونى الثانى سنة 381م .. كنيسة يقظة، كنيسة تحتمل الآلام بما فى ذلك الاستشهاد أو النفى أو السجن .. كنيسة تحافظ على "الإيمان المسلّم مرة للقديسين" ( يه1: 3 ) ولا تسمح أن يخرج من داخلها هراطقة ومبتدعين يكوِّنون طوائف جديدة تبتدع فى الدين . للأسف ! استطاعت الإرساليات الأجنبية التى جاءت إلى مصر أن تجتذب البعض من الأقباط الأرثوذكس للانضمام إلى الطائفة البروتستانتية .. لكن لم تخرج الطائفة البروتستانتية ولم تولد فى مصر . أما بدعة السبتيين ومن بعدها بدعة شهود يهوه فقد ولدت من داخل الطوائف البروتستانتية الموجودة فى الولايات المتحدة الأمريكية ..
الأدفنتست - السبتيين السبتيين هم الأدفنتست .. كلمة "أدفنت Advent" أى "مجيء"، كلمة "أدفنتست Adventists" بمعنى "مجيئيين" .. اسمهم الرسمى "مجيئيو اليوم السابع Seventh Day Adventists " فهذا هو لقبهم الرسمى فى أمريكا وباقى بلاد العالم . بدأوا بدعتهم بإدعائهم بحضور السيد المسيح سنة 1843م فى مجيئه الثانى، ثم أجلوها إلى سنة 1844م . وعندما لم تتحقق هذه الأمور، بدأوا يخترعون معانى أخرى سنتكلم عنها بالتفصيل بعد ذلك .. أما بالنسبة لبدعة تقديس اليوم السابع؛ فهم اعتنقوا فكرة إحدى الكنائس المعمدانية "معمدانيو اليوم السابع" فى أمريكا التى يكون فيها السبت اليهودى هو يوم الرب بالنسبة لهم . لذلك لو دققنا النظر فى عقائد السبتيين ومن بعدهم شهود يهوه سنرى أنهم قريبين فى فكرهم جداً من الصدوقيين اليهود .
السبتيين والصدوقيين اليهود شيعة الصدوقيين تنكر القيامة، ترفض الاعتقاد بالقيامة، ويعتقدون أن يوم الرب هو يوم السبت –لأنهم يهود- هذا هو وضع مشابه لشهود يهوه والسبتيين . لذلك فى إنجيل القديس متى يقول : "فى ذلك اليوم جاء إليه صدوقيون الذين يقولون ليس قيامة فسألوه .. " ( مت22: 23 ) سألوه إنه مات أحد وليس له أولاد وكان هو أحد سبعة إخوة تزوجوا بامرأته ففى القيامة لمن منهم تكون زوجة ( طبعاً من الممنوع أن يتزوج الشخص امرأة أخيه، ولكن بحسب شريعة موسى إذا تُوفى بدون أن يُنجب أولاداً كان يتخذها الأخ زوجة له ليقيم نسلاً لأخيه الميت .. كان هذا هو الاستثناء الوحيد .. وانتهت هذه الشريعة بمجيء السيد المسيح ) . قال لهم السيد المسيح "تضلون إذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الله . لأنهم فى القيامة لا يزوِّجون ولا يتزوَّجون بل يكونون كملائكة الله فى السماء" ( مت22: 29 ،30 ) كانوا يريدون أن يضعوا العقدة فى المنشار ويسألون السيد المسيح لمن منهم تكون زوجة فى القيامة، فقال لهم السيد المسيح أنتم تضلون لأنكم لا تعرفون الكتب بمعنى أنكم تستخدمون الكتب بطريقة خاطئة لخدمة أفكاركم الضالة .. أبناء القيامة لا يتزوجون بل يكونون كملائكة الله فى السماء . "وأما من جهة قيامة الأموات؛ أفما قرأتم ما قيل لكم من قبل الله القائل : أنا إله إبراهيم وإله اسحق وإله يعقوب ليس الله إله أموات بل إله أحياء . فلما سمع الجموع بهتوا من تعليمه" ( مت22: 31-33 ) . ليس السبتيون فقط هم الذين يقاومون التعليم المسيحى بشأن خلود الروح، لكن حتى أيام السيد المسيح نفسه أتوا ليقاوموه ويحيروا الناس بأفكارهم الخطأ .. فرد عليهم السيد المسيح وعرفهم بأن الله يقول : أنا إله إبراهيم وإسحق ويعقوب ليس إله أموات بل إله أحياء . إذاً لقد علّم السيد المسيح نفسه بخلود الروح الإنسانية وعدم موتها، بينما يعلِّم السبتيين وشهود يهوه بموت النفس البشرية وبأنها تموت مثلما يموت الجسد .. وبذلك ينكرون شفاعة القديسين والشهداء .. ويعتبرون أن الشفاعة هى أمور وثنية قد دخلت إلى عقيدة الكنيسة . ينكر البروتستانت شفاعة القديسين .. والسبتيين وشهود يهوه قالوا لا توجد شفاعة للقديسين، بل وزادوا على هذا وقالوا أن أرواح القديسين ماتت مع أجسادهم .. هذا يُظهر لنا كيف عندما يُفتح الباب لأى عقيدة خطأ من الممكن أن تكبر وتتزايد .. لذلك لابد أن نرد على العقائد الخطأ التى ينادون بها لئلا ينخدع الناس بتعليمهم . بالرغم من أننا لا نوافق على ما جرى فى العصور الوسطى من الكنيسة الكاثوليكية، لكننا لا نوافق أيضاً على رد الفعل المتطرف الذى قام به البروتستانت ضد ممارسات الكنيسة الكاثوليكية .. كان من الأفضل لهم أن يلتحقوا بالكنائس الأرثوذكسية التى حافظت على التسليم الرسولى والتقليد الرسولى المسلّم مرة للقديسين "الإيمان المسلّم مرة للقديسين ( يه 1 ) " .
1 ) يعتقدون أن يسوع المسيح هو الملاك ميخائيل من يصدق هذه العقيدة إما أنه يعتبر أن السيد المسيح رب المجد هو مجرد رئيس ملائكة وليس هو ابن الله الوحيد، أو يعتبر أنه لا يوجد أحد نهائياً اسمه الملاك ميخائيل غير ابن الله الوحيد، وأن الملاك ميخائيل هو أحد ظهورات السيد المسيح . فى كلتا الحالتين هذه العقيدة خطأ ويرفضها الكتاب المقدس .
2 ) يعتقدون أن الروح تموت مع موت الجسد يعتقدون أن الروح تموت مع موت الجسد وأن الروح الإنسانية ليست خالدة ولكنها مثل روح الحيوانات أو روح البهيمة .
3 ) يعتقدون بعدم وجود دينونة أبدية للأشرار يعتقدون بعدم وجود دينونة أبدية بمعنى عذاب أبدى للأشرار لأن القيامة الدائمة بعد مجيء السيد المسيح الثانى ستكون للأبرار فقط وليس للأبرار والأشرار .. على الرغم من أن السيد المسيح تكلّم كثيراً جداً عن خروج الأبرار أو الصالحين للقيامة لحياة أبدية ( انظر مت 25 ) ، وذهاب الأشرار إلى جهنم الأبدية المعدة لإبليس وملائكته "ثم يقول أيضاً للذين عن اليسار اذهبوا عنى يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته" ( مت25: 41 ) وإنهم سوف يذهبون إلى دينونة أبدية .. أى أنهم لم يقبلوا كلام السيد المسيح نفسه .
4 ) يعتقدون أن الأبرار يعودون إلى الحياة روحاً وجسداً يعتقدون أن الأبرار يعودون إلى الحياة روحاً وجسداً بنعمة خاصة من الله .. بل وحتى السيد المسيح فى قيامته المجيدة من الأموات يقولون أنها بنعمة خاصة من الله إذ أعاد روحه التى ماتت بهذه النعمة الخاصة إلى الحياة . وتبدأ مفاهيمهم عن قيامة السيد المسيح تكون مفاهيم مهتزة، بل وعمله الفدائى أيضاً من الممكن أن يكون الاعتقاد فيه عقيدة مشوّشة .
5 ) يعتقدون أن السيد المسيح ورث الميل الطبيعى للخطية يعتقدون أن السيد المسيح ورث الميل الطبيعى للخطية، وأن إمكانية الخضوع للخطية كان موجوداً فيه ولكنه قاومه ولم يخطئ . أى أنه قاوم الميل للخطية وقاوم ضعفات الخطية التى أخذها عن طريق الطبيعة البشرية التى اتخذها من العذراء مريم .. بينما نحن نعتقد بناء على تعاليم الكتب المقدسة أن السيد المسيح أخذ طبيعة بشرية شابهنا فيها فى كل شئ باستثناء الخطية لأن الناسوت الذى تكوّن فى بطن العذراء هو بفعل الروح القدس مثلما قال الملاك "لأن الذى حبل به فيها هو من الروح القدس" ( مت1: 20 ) ولا يمكن أن يكوّن الروح القدس شئ فيه خطية أو فيه ميل للخطية، ومن المحال أن الله الكلمة نفسه الذى اتحد بهذا الناسوت أو هذه الطبيعة البشرية التى أخذها من العذراء مريم أن يتحد بطبيعة فيها ميل للخطية .. فإن كان هناك إمكانية للخضوع للخطية، كان من الممكن أن يكون الفداء فى خطر ! فإذا كان من الممكن أن يخطئ المخلّص أو لا يخطئ، فإنه بالتالى كان من الممكن أن يتم الفداء أو لا يتم ! صعب جداً هذه المفاهيم الخاطئة ! بل ويعتبر هذا تدمير كامل لعقيدة الفداء فى المسيحية .. فهذا المفهوم هو تجديفاً على السيد المسيح الذى هو الله الكلمة المتجسد .
6 ) يعتقدون أن يوم السبت هو يوم الرب يقولون أن اليوم السابع فى الأسبوع الذى هو يوم السبت هو يوم الرب .
7 ) يعتقدون أن خطية الشيطان هى عدم حفظ وصية اليوم السابع ويقولون إن أكبر وأعظم خطية يمكن للإنسان أن يرتكبها هى كسر حفظ اليوم السابع الذى هو يوم السبت لأن هذا بالنسبة لهم هو يوم الرب ويوم العطلة والراحة ويوم العبادة .. هذا هو نوع من الرِّدة إلى التهوّد فى المسيحية أى ميل إلى العقيدة اليهودية .
8 ) يعتقدون أن المسيح انتقل من القدس إلى قدس الأقداس يعتقدون أيضاً أن المسيح انتقل من القدس إلى قدس الأقداس فى السماء وبهذا يكون قد طهّر المقدس السماوى أى قدس الأقداس فى السماء . هذه النقطة مرتبطة بالتواريخ التى حددوها .. سوف نورد رداً على هذا .
9 ) يعتقدون أن شفاعة القديسين عقيدة وثنية لا يؤمنون بشفاعة القديسين ويقولون إنها عقيدة وثنية .
10 ) يعتقدون أن ذبيحة القداس ذبيحة وثنية يقولون إن ذبيحة القداس الإلهى هى ذبيحة وثنية ويهاجمونها بمنتهى العنف .
11 ) يعتقدون بأن إيلين هوايت نبية ورسولة مثل رسل السيد المسيح يعتقدون أيضاً أن إيلين هوايت هى نبية أُعطيت إعلانات سماوية وتلقّت إلهام ووحى من الروح القدس، وأنها رسولة تُحسب مع رسل السيد المسيح الاثنى عشر، وأن كل ما تنبأت به وما كتبته يرقى إلى مستوى الكتب المقدسة والأسفار الإلهية، ويسمونها –حتى يومنا هذا-"نبية الأيام الأخيرة" وسنرى هل تصلح أن تكون نبية أم لا تصلح . وأخرجوا كتاباً بهذا العنوان "نبية الأيام الأخيرة" من تأليف قانص فارل وللأسف أن هذا الكتاب طُبع إلى اللغة العربية .. مكتوب فى آخره سِجل الكتب التى كتبتها إيلين هوايت وتُرجمت إلى العربية مثل كتاب "الصراع العظيم" وكتاب "مشتهى الأجيال"، وكتاب "خدمة الشفاء"، وكتاب "طريق الحياة"، وكتاب "الآباء والأنبياء"، وكتاب "أعمال الرسل" . ومكتوب فى نفس هذه الصفحة : وللحصول على هذه الكتب أعلاه؛ المراسلة والاستفسار يرجى الكتابة إلى .. ( ثم كتبوا العنوان ورقم صندوق البريد والحى ) .
نشأة بدعة الأدفنتست بدأ بدعة الأدفنتست شخص اسمه ويليام ميللر وُلد فى ولاية مساتشوسيتس فى الولايات المتحدة الأمريكية فى 15 فبراير سنة 1782م . كان من أسرة تنتمى إلى طائفة المعمدانيين -إحدى الطوائف البروتستانتية . تفرغ لمدة سنتين لدراسة الكتاب المقدس بدون إرشاد أو إشراف على دراسته من أى أحد وذلك من سنة 1816م إلى سنة 1818م ووصل فى دراسته لنتيجة : أن نهاية العالم ستكون فى سنة 1843م . استند فى دراسته إلى سفر دانيال النبى . إذ وردت آيتين فى هذا السفر، إحداهما فى الإصحاح الثامن الآية رقم 14 "فقال لى إلى ألفين وثلاث مئة صباحٍ ومساءٍ فيتبّرأ القدس"، والأخرى فى الإصحاح التاسع من سفر دانيال فى الآية 24 وتكملتها فى الآيات التى تليها "سبعون أسبوعاً قضيت على شعبك وعلى مدينتك المقدسة .. فاعلم وافهم أنه من خروج الأمر لتجديد أورشليم وبنائها إلى المسيح الرئيس سبعة أسابيع واثنان وستون أسبوعاً .. ويثبّت عهداً مع كثيرين فى أسبوع واحد، وفى وسط الأسبوع يُبطلُ الذبيحة والتقدمة" ( دا9: 24-27 ) . يعتبر بعض المفسرين أن هذه الأسابيع هى أسابيع سنين، بمعنى بدلاً من أن يكون الأسبوع سبعة أيام يكون سبع سنوات، فيكون من خروج الأمر لتجديد أورشليم إلى هذه الأحداث المذكورة أربع مائة وتسعين ( 490 ) سنة .. فقام بحساب 490 سنة من سنة 457 قبل الميلاد وقال أن السيد المسيح صُلب وعمره 33 سنه . وفى ( دا8: 14 ) قيل "إلى ألفين وثلاث مئة صباحاً ومساءً فيتبرأ القدس" ( أى 2300سنة ) فلكى يكمل هذه ال 2300 سنة قال : عندما نحذف 490 سنة من 2300 تكون النتيجة1810، ثم جمع على هذا الرقم عمر السيد المسيح بالجسد عندما صُلب، أى ( 1810 + 33 ) = 1843 واعتبر أن هذا هو توقيت السنة التى سيأتى فيها السيد المسيح . واقتنع بهذه الفكرة وتناقش بها مع المحيطين به إلى أن أوعز إليه أحد أصدقاؤه أن يُعلِن ويُجاهر بهذا التعليم، وفعلاً جاهر به سنة 1831م . واعتُبِر أن هذا التوقيت هو بداية تكوين طائفة المجيئيين . فى ذلك الحين لم يكونوا قد اعتنقوا مذهب تقديس اليوم السابع، فقد جاء لهم هذا الاعتناق بعد ذلك .. ولما نادى بهذا التعليم أراد الكثيرون سماع وجهة نظره فتفرغ للوعظ وأصبح واعظ معمدانى متفرغ فى الولايات المتحدة الأمريكية وبدأ يجول البلاد . وفعلاً ذهب فى الفترة من 1840-1842م فى منطقة بورتلاند بأمريكا وهناك استمعت عائلة روبرت جولد هارمون Robert Gould Harmon والد إيلين هوايت إلى وعظ وليم ميللر وقبلوا تعليمه وانفصلوا عن الكنيسة المسماه بالميثوديست ( وهى كنيسة مشهورة لازالت موجودة فى أمريكا وبلاد كثيرة من العالم خاصة البلاد الناطقة باللغة الإنجليزية ) .
إيلين هوايت انضمت عائلة "هارمون" إلى حركة المجيئيين، ومن ضمنهم إيلين هوايت التى ولدت فى قرية اسمها جورهام فى 26 نوفمبر 1827م فى ولاية ماين فى أمريكا على بعد اثنى عشر ميل من مدينة بورتلاند فى الجزء الشمالى الشرقى من الولايات المتحدة، وكانت أختاً توأماً لبنت ثانية اسمها إليزابث وبذلك اعتنقت إيلين هوايت فى سن الثانية عشر هذه البدعة التى نادى بها وليم ميللر . أما قصة إيلين هوايت فهى انه بعد التحاقها بالمدرسة بثلاث سنوات وهى فى عمر التاسعة أصابها فى طريقها من المدرسة إلى بيتها حجر ألقاه زملائها بالفصل، فأصيبت فى وجهها من الناحية اليسرى، فكسر أنفها وتشوه وجهها وأصيبت بغيبوبة مدة ثلاثة أسابيع وأصبح عندها أمراض فى الجهاز العصبى وتعقيدات جعلتها غير قادرة على الاستمرار فى الدراسة . ويبدو أنها أصيبت بنوع من الصرع نتيجة إصابة جهازها العصبى . وفى ذلك الحين كانت تعانى من تهديد لحياتها بسبب الأمراض التى أصابتها نتيجة الإصابة الشديدة . فى أواخر ديسمبر سنة 1844م ادعت إيلين إنها رأت رؤيا سماوية . ويبدو أنها كانت تحضر اجتماع صلاة لمجموعة من أتباع بدعة المجيئيين . ومن ذلك الحين وإلى نهاية حياتها اعتبرها المجيئيون ملهمة من الله وأنها رسولة ونبيه وتستلم رسائل سماوية وتعاليم فى الكنيسة كلها بصورة خطيرة جداً . فى كتاب "نبية الأيام الأخيرة" الذى أخرجه الأدفنتست يصفون حالتها أثناء الرؤى : فتقول السيدة مرثا أمادون التى حضرت عدة مرات تلك الرؤى }أنا ممن راقبوها كثيراً وهى فى الرؤيا وأعرف المجموعة التى تحضر معها فى العادة وجميعهم ذو قوة ملاحظة وإيمان بما تقوم به وكنت أتساءل كثيراً : لماذا لم يُعطَ وصفاً أكثر حيوية للمناظر التى حدثت ؟ كانت عيناها مفتوحتين فى الرؤيا . لم يكن هناك نَفَس، لكن حركات كتفيها وذراعيها ويديها كانت رشيقة تعبّر عما كانت تراه . كان مستحيلاً على أى شخص آخر أن يحرك يديها أو ذراعيها . وكثيراً ما كانت تنطق بالكلمات فرادى، وأحياناً بجُمَل تعبر لمن حولها عن طبيعة المنظر الذى تراه سواء سماوى أو أرضى} ( [1] ) . وآخر اسمه جورج بطلر من أتباع هذه الطائفة قد شاهدها فى مناسبات عديدة . فى سنة 1874م فيقول ( [2] ) : }أعطيت إيلين هوايت هذه الرؤى طيلة ثلاثين سنة تقريباً، وكانت تكثر تارة وتقل تارة أخرى، وشهدها الكثيرون . وفى الغالب كان الحاضرون من المؤمنين بها وغير المؤمنين على السواء . وهى تحدث عامة -ولكن ليس دائماً- فى مواسم الاهتمام الدينى الجادة حيث يكون روح الله حاضراً بشكل خاص{ . وقال أيضاً فى وصفه لها }يتوقف تنفسها تماماً وهى فى الرؤيا ولا يفلت من منخاريها أو شفتيها أى نفس وهى على هذا الحال . { وقال أيضاً }كثيراً ما تفقد قوتها مؤقتاً فتتكئ أو تجلس ولكن فيما عدا ذلك تكون واقفة . إنها تحرك ذراعيها برشاقة{ . وزوجها جايمز هوايت يعلق على رؤاها قائلاً }عند خروجها من الرؤيا سواء بالنهار أو بالليل فى غرفة جيدة الإنارة يكون كل شئ حالك الظلمة ( بالنسبة لها ) ثم تعود قدرتها على تمييز حتى ألمع الأشياء بالتدريج .. مهما كان قريباً من عينيها .. يقدر عدد الرؤى التى تلقتها أثناء ثلاثة وعشرين عاماً خلت بما يتراوح بين مائة ومائتين رؤيا . وقد أعطيت هذه الرؤى فى مختلف الظروف تقريباً ومع ذلك تحتفظ بتماثل عجيب{ ( [3] ) . دكتور بوردو أراد أن يتأكد فى بوكس بريدج Buck' s Bridge بنيويورك فى سنة 1857م ذهب لرؤية إيلين هوايت وهى تدعى أنها فى حالة رؤيا فيقول أنه }فى يوم 28 يونيو .. رأيت الأخت إيلين هوايت فى رؤيا لأول مرة وكنت آنذاك غير مؤمن بالرؤى . ولكن موقفاً من المواقف الكثيرة التى يمكن أن أذكرها أقنعنى بأن رؤاها من الله . فلكى أرضى عقلى بشأن عدم تنفسها ( وهى فى الرؤيا ) أولاً وضعت يدى على صدرها مدة كافية فتأكدت من عدم تنهد رئتيها تماماً كما لو كانت جثة هامدة . ثم أخذت يدى ووضعتها على فيها، وضغطت منخاريها بين إبهامى وسبابتى بحيث يستحيل عليها الشهيق أو الزفير، حتى ولو أرادت هى ذلك . فأمسكتُ بها هكذا بيدى قرابة العشر دقائق، وهذا يكفى لخنقها لو كانت فى حالتها الطبيعية . لكنها لم تتأثر بهذا على الإطلاق . ومنذ مشاهدتى هذه الظاهرة العجيبة لم أجنح ولو مرة واحدة بعد ذلك إلى الشك فى مصدر رؤاها الإلهى{ ( [4] ) . هذا الكلام من وجهة نظرهم يثبت أنها رؤية إلهية لكن من وجهة نظرنا هو كما قال الكتاب "لأن الشيطان نفسه يغير شكله إلى شبه ملاك نور" ( 2كو11: 14 ) وأنه من الممكن أن تحدث أمور خارقة للعادة ولا تكون من الله بل تكون من مصادر أخرى غير الله . على هذا الأساس أوصى السيد المسيح أن نحترز من الأنبياء الكذبة وقال "من ثمارهم تعرفونهم" ( مت7: 16 ) . فإذا كانت ثمارها مقبولة وجيدة يمكننا أن نعتبرها قديسة . وقد ترى القديسات رؤى أو أحلام لكن لا نعتبرها رسولة من الرسل . قد نعتبر حلمها فيه شئ من الإرشاد الإلهى لسبب أو آخر .. بمعنى إذا أراد البعض تحذير أحد من شئ معين؛ فقد يرى أحدهم حلماً ويحذره . لكن تعليم رسولى جديد مخالف لما تسلمناه وعن طريق فتاة أو امرأة فهذا أمر غير مقبول على الإطلاق حسب تعليم الآباء الرسل . فقد قال بولس الرسول "لست آذن للمرأة أن تعلم ولا تتسلط على الرجل" ( 1تى2: 12 ) . حينما يكون التعليم إيماناً جديداً فهذه مسألة خطيرة .
مثال لتعليمها الخاطئ
فى كتابها "الهبات الروحية" Spiritual Gifts ادّعت إيلين هوايت أن السبب الرئيسى فى تدمير العالم بالطوفان كان بسبب التزاوج والإنجاب بين البشر والحيوانات وقالت إن الأنواع المختلطة التى نتجت عن تلك العلاقة لم يخلقها الله؛ هذه لم يأخذها نوح معه إلى الفلك لأنها خليط بين البشر والحيوانات ! من الواضح أن هذه أمور غير مقبولة لا روحياً ولا علمياً, وقد أثبت العلم الحديث استحالة التزاوج للإنجاب بين البشر والحيوانات وهذا أمر يعلمه الجميع . وقد سببت أخطاء إيلين هوايت التعليمية مشاكل كثيرة لجماعة السبتيين . فهل مثل هذه الإنسانة تصلح أن تكون نبية ؟ هذا ما قاله والاس سلاتيرى Wallace Slattery وهو عضو سابق فى جماعة السبتيين وانشق عليهم وألّف كتاب "مجيئيو اليوم السابع هل هم أنبياء مزيفين ؟ " الذى نشر سنة 1941وطبع أيضاً مرة أخرى فى سنة 1990م . وأورد تعليم إيلين هوايت بخصوص الإنجاب من الحيوانات فى صفحة 26 وما بعدها للتدليل على أنها علّمت كثير من التعاليم الخاطئة وغير المقبولة .
المجيء الثانى Uنعود إلى وليم ميللر : انتظر الناس الذين صدّقوه طوال سنة 1843م مجيء السيد المسيح؛ وعندما لم يأتِ قال إن الحساب من شهر مارس 1843 إلى مارس 1844 وبالتحديد يوم 21 مارس 1844 . ولم يأتِ السيد المسيح أيضاً حتى هذا التاريخ . Uلكن تدخل أحد أتباعه صموئيل سنو Samuel Snow فى أغسطس من نفس السنة وأنقذ الموقف . وقال إن الحساب لم يكن صحيحاً وإن المسيح سيأتى فى يوم الكفارة العظيم فى الشهر السابع اليهودى من سنة 1844م وحدد اليوم أنه 22 أكتوبر .. فانتعش الأمل فى الناس من أن استنتاج وليم ميللر سوف يتحقق . وارتدى الناس ملابس بيضاء، وباعوا ممتلكاتهم، واستقالوا من وظائفهم، وتجمّعوا بتجمعات فى بلاد كثيرة وخرجوا إلى الجبال لاستقبال السيد المسيح فى مجيئه واستمروا منتظرين فى ذلك اليوم وتلك الليلة إلى أن انتهى اليوم تماماً ولم يأتِ السيد المسيح فسمّوه يوم الإحباط الكبير The Great Disappointment وفعلاً تراجع الكثيرون عن الاستمرار فى عضوية جماعة وليم ميللر . Uفى ذلك الحين بدأت إيلين هارمون ولم تكن قد تزوجت بعد وكانت فى السابعة عشر من عمرها . ففى يناير سنة 1845م ادعت أن الله قد أراها فى حلم أن المسيح سيأتى فى المستقبل الفورى . Uوحينما لم يتحقق هذا الوضع إدعى هيرمان إدسون Hirman Edson وهو أحد قيادات حركة المجيئيين : إن المسيح فى 22 أكتوبر 1844م انتقل من القدس السماوى إلى قدس الأقداس وبهذا بدأ الكفارة النهائية للخطاة . قبل البعض هذا التفسير بسبب الخجل من عدم مجيء السيد المسيح وقال إن هذا هو نوع من المجيء إنه خرج من القدس ودخل إلى قدس الأقداس . استمر كل من يريد الابتداع فى الدين فى تعضيد هذه الجماعة والذى شد انتباه أتباع هذه الجماعة هو حالات الصرع التى تأتى إلى إيلين هوايت واعتبروا أن هذا الصرع هو رؤى سماوية .. أحب أن أذكّركم أن كل المرات التى وصفوا فيها رؤاها وكانت حولها مجموعة من الناس أن عيناها كانت مفتوحة ولم تكن ترى شئ لدرجة إنهم عندما كانوا يأتون بأى شئ ويضعوه أمام عينها للدرجة التى يدخلوها إلى عيناها كانت لا ترمش بعينيها . وصف جورج بطلر ذلك بقوله [ تكون العينان مفتوحتين عن آخرهما ويبدوان محملقتين فى شئ على مسافة بعيدة، ولا تلتفتان إلى شخص أو شئ بعينه فى الحجرة، بل يكون اتجاههما دائماً إلى أعلى] ( [5] ) . إذاً الوضع أنها تكون فى حالة من الذهول الكامل .. قال السيد المسيح : "احترزوا من الأنبياء الكذبة الذين يأتونكم بثياب الحملان" ( مت7: 15 ) ، وقال أيضاً "من ثمارهم تعرفونهم" ( مت7: 16، 20 ) .. وقال الرسل : "أيها الأحباء لا تصدقوا كل روح بل امتحنوا الأرواح هل هى من الله لأن أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا إلى العالم" ( 1يو4: 1 )
الإدعاء بأن السيد المسيح هو الملاك ميخائيل إذا ناقشنا اعتقادهم أن السيد المسيح هو الملاك ميخائيل من رسالة معلمنا يهوذا الرسول فى الآية رقم 9 "وأما ميخائيل رئيس الملائكة فلما خاصم إبليس مُحاجاً عن جسد موسى، لم يجسر أن يورد حكم افتراء بل قال : لينتهرك الرب" فكيف يكون الرب يسوع المسيح هو الذى يتكلم ثم يُقال عنه أنه قال لإبليس لينتهرك الرب، فهذا هو الرب الذى ينتهر إبليس، هذا هو رب الأرباب .. كم من مرة انتهر الرب الشياطين كما نقول فى إنجيل صلاة الغروب "فانتهرهم ولم يدعهم يتكلمون لأنهم عرفوه أنه المسيح" ( لو4: 41 ) فكيف يقول المسيح رب المجد "لينتهرك الرب يا شيطان" هذه العبارة يقولها الملاك ميخائيل ولا يقولها السيد المسيح الذى كتب عنه فى حديثه مع الشياطين "فانتهرهم ولم يدعهم يتكلمون" ( لو4: 41 ) . كان السيد المسيح ينتهر الشيطان ولا يقول له "لينتهرك الرب" . هذا مثل يوضح الفرق بين الملاك ميخائيل والسيد المسيح وفساد عقيدة السبتيين فى هذا الأمر . أيضاً عبارة "لم يجسر أن يورد حكم افتراء" هل من المعقول أن يُقال عن السيد المسيح أنه "لم يجسر" ؟ ! هذه من المحال أن تُقال فى خصومة بين المسيح وإبليس . عندما يريد السيد المسيح أن يصدر حُكم على إبليس سيحكُم لكن لا تُنسب عبارة "لا يجسر أن يورد حكم افتراء" إلى السيد المسيح .
عقيدة نفس الإنسان مثل نفس البهيمة هم يسيئون استخدام آية وردت فى سفر الجامعة "لأن ما يحدث لبنى البشر يحدث للبهيمة وحادثة واحدة لهم . موت هذا كموت ذاك، ونسمة واحدة للكل . فليس للإنسان مزية على البهيمة لأن كليهما باطل" ( جا3: 19 ) . طبعاً كاتب سفر الجامعة لم يقصد إطلاقاً أن روح الإنسان مثل روح البهيمة لأن فى الآيات السابقة لهذه الآية يقول : "قلت فى قلبى من جهة أمور بنى البشر إن الله يمتحنهم ليريهم أنه كما البهيمة هكذا هم" ( جا3: 18 ) . فالرب يمتحن الإنسان عندما يرى أن حادثة واحدة تحدث للإنسان والبهيمة وهى حادثة الموت . والامتحان هو : هل سيؤمن الإنسان بالحياة الأبدية أم لا يؤمن بالحياة الأبدية . فهذا امتحان من الله وليس عقيدة . هناك فرق بين الامتحان والعقيدة . الامتحان هو ليعرف الرب الفائزين الذين يفكرون بالصواب، والساقطين الذين يفكرون خطأ . فى نفس السفر فى الإصحاح رقم 12 الآية 7 يقول عن موت الإنسان : "فيرجع التراب إلى الأرض كما كان، وترجع الروح إلى الله الذى أعطاها" .. أما فى الإصحاح الثالث فيقول : "من يعلم روح بنى البشر هل هى تصعد إلى فوق ؟ وروح البهيمة هل هى تنزل إلى أسفل إلى الأرض ؟ " ( جا3: 21 ) ففى قوله "من يعلم ؟ " هو يمتحنهم ولا يقصد أن هذا رأى إلهى . لكن فى النص الصريح الذى ليس فيه امتحان قال "وترجع الروح إلى الله الذى أعطاها" . وبذلك لا يوجد أى إلتباس بين الآيات . للأسف يوجد على باب حديقة الحيوانات فى فرانكفورت بألمانيا لافتة "ليس للإنسان مزية على البهيمة" ( جا3: 19 ) . بدلاً من أن يضعوا الآية التى تقول : "فخلق الله الإنسان على صورته" ( تك1: 27 ) . أو يضعوا الآيات التى تدل على أن الإنسان أفضل من البهائم مثل الآية التى تقول "إنسان فى كرامة ولا يفهم يشبه البهائم التى تباد" ( مز49: 20 ) ، بمعنى عندما يكون الإنسان جاهلاً فإنه يُشبه البهيمة . أورد الكتاب العديد من الآيات التى تدل على أن روح الإنسان لها مكانة عند الله "يقول الرب .. جابل روح الإنسان فى داخله" ( زك12: 1 ) .. "لكن فى الناس روحاً ونسمة القدير تعقلهم" ( أى32: 8 ) .. "روح الله صنعنى ونسمة القدير أحيتنى" ( أى33: 4 ) .. "هكذا يقول الله الرب خالق السموات وناشرها، باسط الأرض ونتائجها، معطى الشعب عليها نسمة والساكنين فيها روحاً" ( أش42: 5 ) .
تقديس يوم الرب قال بولس الرسول فى رسالته إلى أهل كولوسى "فلا يحكم عليكم أحد فى أكل أو شرب أو من جهة عيد أو هلال أو سبت . التى هى ظل الأمور العتيدة وأما الجسد فللمسيح" ( كو2: 16، 17 ) . لم يوافق بولس الرسول أن يتحكم أحد فى موضوع يوم السبت لأن الكنيسة اعتبرت أن يوم الرب فى العهد القديم الذى هو يوم السبت رمز للراحة لأن كلمة "سبت" معناها باللغة العبرية راحة "سابات Sabath" . لكن متى استراح الرب ؟ استراح بقيامته من الأموات بعد إعادة تجديد خلقة الإنسان مرة أخرى .. ولذلك نلاحظ فى سفر الأعمال أن الكنيسة اجتمعت فى يوم الأحد فى أول الأسبوع للعبادة ويقول "وفى أول الأسبوع إذ كان التلاميذ مجتمعين ليكسروا خبزاً خاطبهم بولس" ( أع20: 7 ) هذا يعنى أن أول الأسبوع هو يوم الأحد . أحد بمعنى "واحد"، وأول يعنى "واحد" واثنين يعنى "الاثنين" وهكذا .. قال بولس الرسول من جهة جمع العطاء فى الكنيسة "أما من جهة الجمع لأجل القديسين فكما أوصيت كنائس غلاطية هكذا افعلوا أنتم أيضاً . فى كل أول أسبوع ليضع كل واحد منكم عنده خازناً ما تيسر حتى إذا جئت لا يكون جمع حينئذ" ( 1كو16: 1، 2 ) .. إذاً كسر الخبز فى أول الأسبوع، وجمع العطاء فى أول الأسبوع، وتتم هذه الأمور كلها أثناء العبادة داخل الكنيسة .. فكيف يتم هذا فى أول الأسبوع إذا كانت الكنيسة تعبد يوم السبت بمعنى اليوم السابع ( وقد أخذ الرقم سبعة اسمه من كلمة راحة العبرية لأن سابات = ساباع ولم يأخذ السبت اسمه من الرقم سبعة ) وبهذا تكون وصية "أُذكر يوم السبت لتقدسه" ( خر20: 8 ) هى "اذكر يوم الراحة لتقدسه" . بدأت الكنيسة منذ العصر الرسولى تمارس العبادة يوم الأحد لأن هذا هو تذكار قيامة السيد المسيح من بين الأموات .. ونحن نقول بفرح [ هذا هو اليوم الذى صنعه الرب فلنبتهج ونفرح فيه ] ونحن لا نحتفل بيوم الرب مع اليهود فى اليوم السابع الذى دفن فيه السيد المسيح ووضع اليهود الأختام على قبره بل نحتفل بقيامته التى هى سر قوة المسيحية . ولربنا المجد الدائم إلى الأبد آمين اذكرونى فى صلواتكم
| |
|